يتطلع المهنيون في قطاع الأحذية إلى تفعيل التوصيات التي انتهت إليها الدراسة، التي تناولت مرحلة القطاع قبل الإنتاج، والتي شددت على أن إعادة هيكلة وتنظيم تلك المرحلة التي تزود الإنتاج بالمادة الأولية، ورش حاسم للرفع من تنافسية المنتوج المغربي في الأسواق الخارجية، خاصة في ظل المنافسة المحتدمة التي تأتي من بلدان لها باع طويل في صناعة الأحذية مثل إيطاليا وإسبانيا. توصيات وتتجلى أهم توصيات الدراسة التي تم التصديق عليها في نونبر الماضي، في العناية بالأمراض التي تطال الجلود التي تستعمل في تصنيع الأحذية، والمنتوجات الجلدية، حيث لا يتم الانتباه إليها إلا في مرحلة متقدمة في معالجة الجلود، في ذات الوقت توصي الدراسة بإصلاح المجازر التي تمد المهنة بالجلود، عبر اعتماد مجازر ميكانيكية تتيح توفير جلود خالية من العيوب، ولا تتوقف الدراسة عند هذا الحد، بل تمتد إلى مرحلة معالجة الجلود، قبل الحفظ، خاصة عند تمليحها، وقبل ترتيبها حسب جودتها بما يستجيب لانتظارات المصنعين.. فالمهنيون يشيرون إلى أن الحرص على توفير جلود بجودة تساهم في تنافسية المنتوج المغربي في السوق الخارجية، سوف يحول دون اللجوء إلى الاستيراد خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق الدولية. مفارقة تأتي أهمية الجلود من كونها تدخل بنسبة 70 في المائة في صناعة الأحذية، علما أن ضعف جودة الجلود التي توفرها المدابغ في المغرب تدفع المصنعين إلى استيراد حوالي مليار درهم من الجلود من الأسواق الخارجية، وهو ما يمثل ثلث رقم معاملات قطاع التصدير الذي يصل إلى 3 ملايير درهم، غير أن المفارقة التي يلاحظها العديد من المهنيين في القطاع تتمثل في ارتفاع الطلب الخارجي على الجلد المغربي في الآونة الأخيرة، خاصة من السوق الإيطالية والهند، مما انعكس على سعر الجلود، حيث قفز سعر الكيلوغرام من جلد الأغنام من 15 درهما إلى 45 درهما، انتقل سعر جلد الأبقار من 150 درهما إلى 300 درهم، هذا يدفع المهنيين إلى توقع ارتفاع سعر المنتوج منتهي الصنع بما بين 5و7 في المائة، بل إن المهنيين في الظرفية الحالية لا يمكنهم أن يتوفروا على رؤية واضحة سوى خلال فترة تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر على أقصى تقدير. وتسعى الفيدرالية المغربية لصناعة الجلد، إلى أن تحل مشكل التزود بالجلود في المغرب عبر إنشاء بورصة خاصة لبيع وشراء هاته المادة الأولية، حيث سوف يتم ترتيب العرض حسب الجودة، مما سوف يدفع المجازر إلى الحرص أكثر على توفير منتوج خال من العيوب حتى يتأتى الحصول على سعر مجز، غير أنه في انتظار تجسيد الفكرة على أرض الواقع، تعتزم الفيدرالية المضي في حملتها التحسيسية بمناسبة عيد الأضحى، والتي تحث فيها الأسر على الحفاظ على سلامة الجلود والحرص على تمليحها بعد الذبح، فتلك الجلود التي تبلغ 5 ملايين في العيد الأضحى تفضي بسبب عدم التعامل معها بحرص، حسب جمال بحار، مدير عام الفيدرالية المغربية لصناعة الجلد، إلى فقدان 150 ألف منصب عمل، حسب تقديرات الفيدرالية.
أسعار القطاع يتوقع أن ينتعش بعد أن عانى من تداعيات الأزمة التي نالت من وتيرة تطوره في الثلاث سنوات الأخيرة، فحسب الفيدرالية المغربية لصناعة الجلد، سجل القطاع نموا برقمين قبل الأزمة، بل أن ينحصر فيما بين 2و3 في المائة في الثلاث سنوات الأخيرة، غير أن القطاع يتوقع أن تنتعش الطلبيات الموجهة إليه في ظل تراجع اهتمام مقدمي الطلبيات بالبلدان الأسيوية، ويعتبر المهنيون أن الجودة سوف تكون حاسمة على هذا المستوى، غير أن عودة الطلب إلى مصنعي الأحذية المغربية، يأتي في ظرفية تتسم بارتفاع أسعار المواد الأولية، فمحمد بنعمور، مدير عام بنسون شوز، إحدى العلامات المغربية الرائدة في صناعة الأحذية في المغرب، والتي تصل مبيعاتها إلى 50 ألفا في السنة، يؤكد أن ارتفاع أسعار المواد الأولية يتراوح بين 10 و50 في المائة في الأشهر الأخيرة، مما يدفع أحد المصنعين الفرنسيين الذي يشتغل لفائدة ماركات عالمية بالمغرب، إلى دعوة السلطات العمومية إلى تمكين القطاع من الدعم المالي الواجب حتى يحافظ على تنافسيته، إسوة ببلدان منافسة مثل إيطاليا و البرتغال. حلم و يعتبر المهنيون أن إعادة هيكلة القطاع يمر عبر المنطقة الصناعية التي يتطلعون إلى توفيرها ب«عين الشكاك» بفاس. ذاك حلم راودهم منذ 12 عاما، غير أنهم يرون أنه قريب التحقق، مادام «ميدزد» سوف تتولى الإنجاز على مساحة 50 هكتارا، وإن كانت الجامعة الوطنية لصناعة الجلد تتطلع إلى مساحة أكبر تستجيب للطلبات الكبيرة التي عبر عنها الفاعلون في القطاع.. تلك منطقة صناعية تريدها الفيدرالية مندمجة، حيث يفترض أن تضم المدابغ والمهنيين المتخصصين في معالجة الجلود والمصنعين الذين يوفرون المنتوج النهائي، بل إن المهنيين يتطلعون إلى أن تضم مصنعين للمواد الأولية الأخرى غير الجلود و التي يتم استيرادها الآن بأسعار تنال من تنافسية المنتوج المغربي منتهي الصنع. تلك التنافسية التي تسعى الفيدرالية إلى دعمها عبر مشروع تنكب على بلورتها، وترمي من ورائه إلى التوفر على قاعدة في فرنسا تمكن من تسهيل عملية تصدير المنتوج المغربي إلى الأسواق الخارجية، ذلك مشروع يحتاج في تصور الفيدرالية إلى دعم من وزارة التجارة الخارجية التي يفترض أن تواكبه في سوق يعرف منافسة شديدة، خاصة في ظل بروز لاعبين جدد في العالم، الذين يحظون بدعم كبير من دولهم ويستثمرون كثيرا في التصاميم.