وصل مساء أمس إلى المغرب الوفد المبعوث من طرف الحكام الجدد لموريتانيا، والذي كلف بشرح دواعي الانقلاب لدول المغرب العربي. ويفترض أن يكون المسؤولون المغاربة قد تباحثوا مع الوفد الموريتاني حول مستجدات الوضع ببلادهم وموقف دول الجوار والدول الغربية مما حدث. ويعتبر هذا اللقاء التشاوري حاسما بخصوص الخطوات المقبلة التي سيقوم بها الجنرال بن عبد العزيز الذي نصب نفسه رئيسا جديدا للبلاد، باعتبار أن المغرب هو أقوى حليف له بالمنطقة بعد إبداء الجزائر رفضها الشديد للانقلاب واشتراط ليبيا تنظيم انتخابات رئاسية بشكل عاجل أمام مطالبة الاتحاد الأوربي بالعودة إلى الشرعية الدستورية. وفي هذا الاتجاه، كشف مصدر مقرب من الجنرال محمد بن عبد العزيز – قائد الانقلاب بموريتانيا – ل«المساء» أن فرنسا قد أعربت عن تفهمها لما حدث بجارتنا الجنوبية، لكنها ما زالت ترفض التصريح بذلك بشكل علني. وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته أن مجلس الدولة الموريتاني الجديد قد قدم إلى الدول الغربية الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى عزل الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، ومن بينها توفر الجنرالات والمخابرات الموريتانية على أدلة تفيد بتورطه في التنسيق مع دولة عربية لتمويل أنشطة جهات سياسية موريتانية تسعى إلى تغيير النظام الموريتاني وأسسه. وبالموازاة، اتهم الجنرالات الرئيس المخلوع بالتورط في قضايا فساد، وهو ما سيجعلهم يدفعون باتجاه محاكمته حتى يعطوا مصداقية لما أسموه ب«عملية التصحيح». وفي هذا الاتجاه، قدم 71 نائبا برلمانيا (أزيد من ثلثي النواب) من بين الذين يؤيدون الانقلاب طلبا إلى الرئاسة الجديدة من أجل عقد دورة برلمانية طارئة لمناقشة قضايا تشكيل محكمة العدل السامية المختصة في محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء لارتكابهم أخطاء جسيمة أثناء مزاولة أعمالهم . وطالب النواب المؤيدون للانقلاب، الذي أطاح بالرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله، بعقد دورة برلمانية طارئة، في العشرين من غشت الجاري، وذلك بعد أن رفضت الحكومة السابقة هذه الدعوة، بعدما اعتبرت أن رسالة الطلب لم تحترم المساطر القانونية المعمول بها مادامت لم تكن موقعة من طرف رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) .. ويشمل جدول أعمال هذه الدورة الطارئة التي دعوا إليها، إلى جانب تعيين أعضاء محكمة العدل السامية، تشكيل أربع لجان تحقيق، اثنتان على مستوى الجمعية الوطنية، إحداهما للتحقيق في مصير عائدات النفط، والأخرى للتحقيق في برنامج التدخل الخاص «لمواجهة الأزمة الغذائية»، بينما ستشكل لجنتان للتحقيق على مستوى مجلس الشيوخ، إحداهما للتحقيق في تمويلات هيئة ختو بنت البخاري، زوجة الرئيس المخلوع، والثانية للتحقيق في التسيير المالي لميزانية مجلس الشيوخ. كما ألحوا على ضرورة مناقشة الأوضاع السياسية الراهنة، وتداعيات الأزمة السياسية التي عرفتها البلاد عقب الانقلاب. وبالمقابل، واصلت الأحزاب المشكلة ل«جبهة الدفاع عن الديمقراطية» احتجاجها على الوضع بعدما رفضت الاعتراف بالوزير الأول الذي عينه المجلس الأعلى للدولة مولاي ولد محمد لغظف الذي استدعي من بلجيكا حيث كان يعمل سفيرا.