في الوقت الذي ما زال مصير آلاف المهاجرين المغاربة المقيمين بليبيا مجهولا، بسبب تدهور الوضع الأمني وهجوم كتائب أبناء معمر القذافي و«المرتزقة» على الثوار الليبيين والمواطنين العزل، أبدت عائلات عدد من المهاجرين في اتصال مع «المساء» قلقها ومخاوفها بخصوص مصير أبنائها، خاصة في ظل تواتر أنباء عن سقوط عدد منهم. وفي هذا السياق، أكدت مصادر مقربة من أسرة عرقوب بإقليم تاونات توصلها بمعلومات تشير إلى مقتل ابنها عزيز (28 سنة) خلال الأحداث التي كانت مسرحا لها مدينة بنغازي خلال الأيام الماضية، مشيرة إلى أن أسرة الراحل عزيز، الذي كان قد هاجر إلى ليبيا منذ نحو ثمان سنوات للعمل في قطاع الأفرشة، توصلت بخبر استشهاده عن طريق مشغله الليبي. وحسب الرواية التي قدمها المشغل الليبي، فإن عزيز لقي حتفه احتراقا في الورشة التي كان يشتغل فيها ببنغازي، نتيجة القصف الذي تعرضت له أحياء بالمدينة خلال انتفاضة المدينة ضد نظام معمر القذافي. ووفق المصادر ذاتها، فإن معاناة كبيرة عاشتها أسرة عرقوب بعد أن بلغها خبر مقتل فلذة كبدها نتيجة الصمت الذي جوبهت به من قبل مصالح القنصلية المغربية ببنغازي وطرابلس والسفارة الليبية بالرباط، قبل أن تؤكد جهات قنصلية لوالده خبر الاستشهاد، وخيرته بين دفنه في ليبيا أو إرجاعه إلى المغرب، مشيرة إلى أنه بسبب عسر ذات اليد ارتأى والد عزيز المتقاعد (كان يشتغل عون حراسة بسيط بجماعة فناسة باب الحيط، قيادة مرنيسة بتاونات) أن يوارى ابنه الثرى في بنغازي. وكشف محمد البشيري، صديق الشهيد، أن عزيز كان يخطط للعودة إلى أرض الوطن، لكن يد المنون حالت دونه ودون تحقيق ذلك، مبديا استياءه من تعامل مصالح وزارة الخارجية المغربية مع الأسرة والأصدقاء. وقال في اتصال مع «المساء»: «فيما اتصل مشغل عزيز بوالده ليخبره بالنبأ المفجع، كانت المصالح الدبلوماسية المغربية، مع كامل الأسف، تغط في سباتها، بل أكثر من ذلك كان رد مسؤولي السفارة المغربية بطرابلس حينما اتصلت بهم لمعرفة مصيره مستفزا وغير ودي بالمرة»، مضيفا: «ما يحز في النفس هو الطريقة التي تتعامل بها مصالحنا القنصلية، فقد اتصلت بهم مرارا، دون أن يقدموا أي معلومات بخصوص مصيره، سواء في الرباط أو بنغازي أو طرابلس، بل لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء إعلان اسمه في الإعلام». يأتي ذلك في وقت أكد خالد الناصري، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن هذه الأخيرة بصدد التأكد من صحة خبر يتم تداوله على نطاق واسع بخصوص مقتل ثلاثة مواطنين مغاربة في ليبيا على خلفية ما وصف بالمذبحة التي ارتكبها الرئيس الليبي معمر القذافي ضد شعبه، وسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى من الليبيين والمقيمين الأجانب. وكان مصدر في القنصلية العامة للمملكة في مدينة بنغازي أعلن يوم الثلاثاء الماضي أن شابا مغربيا يدعى محمد لمقدم أنصاري قتل خلال الأحداث التي شهدتها مدينة البيضاء مؤخرا. وأوضح المصدر ذاته، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الشاب، الذي يبلغ من العمر 21 سنة، مهنته لحام، ويتحدر من مدينة الناظور، مشيرا إلى أنه تم دفن جثمان الراحل بالمدينة نفسها حيث تقيم عائلته. ومن جهته، قال سفير المغرب المعتمد لدى ليبيا مولاي المهدي العلوي في تصريح للوكالة إن الأخبار التي توصلت بها مصالح السفارة والمصالح القنصلية المغربية في كل من طرابلس وبنغازي منذ اندلاع الأحداث، تفيد كلها سلامة كافة أبناء الجالية المغربية، التي يقدر عددها بنحو 100 ألف نسمة من أي أذى، اللهم ما كان من هذه الحالة «المأسوف عليها».