بدأ العشرات من المغاربة المقيمين بليبيا، الذين وصلوا إلى مصر، خلال الأيام الماضية، في مغادرة القاهرة، أمس الجمعة، في إطار عملية إجلاء تتكفل بها السلطات المغربية. وكان هؤلاء المغاربة وصلوا إلى مصر عبر معبر السلوم (غرب)، على الساحل المتوسطي، ضمن مجموعة من المصريين والعرب فروا من المدن الليبية، هي أجدابيا، وبنغازي، والبيضاء، وطبرق، التي شهدت أو تعرف مواجهات عنيفة غير مسبوقة، في إطار الاحتجاجات المطالبة بإسقاط نظام معمر القذافي. وقال يونس بابانا علوي، المكلف بالشؤون القنصلية بسفارة المغرب بالقاهرة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن السلطات المغربية أصدرت تعليمات بضرورة التكفل بنفقات إقامة العائدين من ليبيا في العاصمة المصرية، ونقلهم إلى المغرب. وأكد بابانا علوي أن هناك تنسيقا تاما مع السلطات المصرية لتمكين المغاربة الفارين من ليبيا من دخول التراب المصري وتأمين نقلهم إلى القاهرة، وكذا توفير ما يلزم لاستقبال وعبور الرعايا المغاربة القادمين عبر معبر السلوم. وعبر عدد من المغاربة المقيمين بليبيا، الذين تمكنوا من الوصول إلى القاهرة، في تصريحات مماثلة، عن ارتياحهم لظروف الاستقبال في مصر، سواء من طرف السلطات المصرية أو السفارة المغربية بالقاهرة، التي سهلت مساطر نقلهم إلى المغرب بواسطة طائرات تابعة لشركة الخطوط الملكية المغربية. كما عبروا عن قلقهم ومخاوفهم بخصوص مصير المغاربة العالقين في ليبيا، مشيرين إلى أن آلاف الأسر مازالت محاصرة في مدن أخرى، بسبب تدهور الوضع الأمني، وغياب وسائل النقل. وأكدوا أنهم تعرضوا لعمليات نهب من طرف عناصر ليبية مسلحة، مشيرين إلى أن عددا آخر من المغاربة في طريقهم الآن إلى الحدود مع مصر. وفي هذا الصدد، قال عبد الرحيم زايو، مغربي يتحدر من منطقة فاس وكان يملك مقهى بمدينة أجدابيا (160 كلم جنوب بنغازي)، إن الوضع كارثي بالمدينة، خصوصا خلال الأيام الأولى من المواجهات، موضحا أنه تمكن من الوصول إلى مصر رفقة ستة من مواطنيه في رحلة كلفتهم 1400 دينار ليبي (حوالي 10 آلاف درهم). كما أشار الرفيسة عبد الإله، أحد المستخدمين المغاربة بليبيا (من منطقة الجديدة)، إلى أن عدة شركات تعرضت للحرق في ليبيا، مضيفا أن العديد من الأجانب قتلوا في الأحداث الدامية التي يشهدها هذا البلد المغاربي. وأوضح التاجر ماهر بوشعيب (من خميس الزمامرة) أن أغلب الشباب المغاربة المقيمين بليبيا تركوا ممتلكاتهم في هذا البلد ولم يتمكنوا من تحصيل الديون من زبنائهم، بسبب إغلاق المصارف وحالة الفوضى المنتشرة. يذكر أن عدد المغاربة المقيمين بليبيا، التي تعيش، منذ 17 فبراير الجاري، على إيقاع انتفاضة شعبية ضد نظام العقيد معمر القذافي، يقدر ب 100 ألف مغربي. مجموعة جديدة تصل إلى المغرب عبر تونس وصلت، ليلة أول أمس الخميس، إلى العاصمة التونسية، مجموعة جديدة من الأسر وأفراد الجالية المغربية المقيمة بليبيا، بعد أن تمكنت من عبور الحدود الليبية التونسية. وقامت المصالح القنصلية المغربية بتونس باستقبال أفراد هذه المجموعة، التي تضم 31 شخصا، من بينهم 12 طفلا، ووفرت لهم الإقامة والإسعافات اللازمة. وتحدث أفراد الجالية، في شهادات استقتها منهم وكالة المغرب العربي للأنباء، عن "الظروف الصعبة والخطيرة أحيانا"، التي لاقوها، وهم في طريقهم من طرابلس إلى نقطة الحدود (رأس جدير) مع تونس على مسافة 170 كلم، إذ تعرضوا للتهديد والتعنيف في أكثر من محطة على طول هذه المسافة، من قبل أشخاص مسلحين بالعصي والآلات الحادة. وقال عبد القادر، وهو من سيدي يحيى الغرب، "في ظل حالة الرعب والخوف التي أصبحت تخيم على عدة أحياء بمدينة طرابلس، التي أصبحت شوارعها خالية ومحلات التموين مقفلة، فضلنا العودة إلى المغرب في انتظار أن تتضح الأمور، تاركين أمتعتنا وسياراتنا وكل ما نملك، واتفقنا مع بعض سيارات الأجرة لتوصلنا إلى الحدود مع تونس". وأضاف أنه لدى مرورهم بمدينة الزاوية (60 غرب طرابلس) شاهدوا مظاهر "مفزعة" لأعمال العنف والأدخنة المتصاعدة، وقال "توقفنا بين الفينة وأخرى، ونحن في طريقنا إلى رأس جدير، صادفنا مجموعات بلباس مدني، لا نعلم إن كانت تابعة للأمن أم لجهات أخرى، كانت تقوم بتفتيش أمتعتنا وتسأل عن هويتنا بشكل فض، ولولا التزامنا بالهدوء ووجود أطفال صغار برفقتنا، ربما ألحقوا بنا الأذى". من جانبه، قال يونس، من إقليمالخميسات، الذي قدم مع نفر من رفاقه من مدينة تيزوارا (100 كلم غرب طرابلس)، إن حالة من الفوضى والهلع تسود هذه المدينة وعدة مناطق مروا بها في طريقهم إلى تونس. وأجمع هؤلاء العائدون على التنويه بحسن المعاملة وبالتسهيلات التي قدمتها لهم السلطات التونسية والمنظمات الإنسانية الدولية، منذ وصولهم إلى نقطة الحدود مع ليبيا (رأس جدير)، وإلى غاية التحاقهم بالعاصمة التونسية.