فتحت ثورة الشعب الليبي الثائر ضد النظام السائد في بلاده منذ 42 عاماً ملف الفساد الكروي ونزيف الملايين، التي أهدرها الساعدي نجل الرئيس معمر القذافي عندما كان لاعباً ورئيساً لاتحاد الكرة لمدة ثمان سنوات دون الاكتراث بالأموال الطائلة التي ضخها بعيداً عن لاعبي بلاده و «عقارب الصحراء» التي لم تطأ حدود المجد بعد عام 1982. بلد النفط فقد البصر والبصيرة منذ 29 عاماً، ولا يذكر التاريخ سوى إنجاز وحيد حققه المنتخب الليبي في كأس الأمم الأفريقية التي استضافها على أرضه وخسر لقبها في المباراة النهائية بضربات الترجيح أمام غانا . الساعدي القذافي لهث وراء مجد شخصي وترك الكرة الليبية في الحضيض، فالمهم احترافه في إيطاليا بشتى الوسائل غير المشروعة، إذ زوّر عمره الحقيقي ولعب لأندية بيروجيا في 2003 وسمبدوريا في 2007، مما أثار حفيظة جمهور الفريق الغاضب من «الصفقة غير المقنعة»، التي كان الغرض منها تدعيم ميزانية الناديين وسد العجز الذي خلفته الأزمة المالية وقتها . ولم يكتفِ الساعدي بذلك فقد انضم عنوة إلى المنتخب الليبي عام 2005 قبل أن يعتزل عالم الكرة في 2006 بعد أن كلفه والده بمسؤولية التخطيط للمدن الحديثة والبنى التحتية في الجماهيرية، منهياً بذلك حقبة كروية «هزلية المنطق والنتائج» شابها الكثير من الانتقادات والنكسات التي أضرت بالكرة الليبية، خصوصاً على الصعيد المحلي. وصمة العار الحقيقية لنجل القذافي - والتي يدركها الليبيون - تجسدت في إثارته الفتنة بين الأندية الليبية العريقة. إذ بعد هزيمة فريقه الاتحاد أمام أهلي طرابلس في إحدى مباريات القمة تواطأ الساعدي في قضية قتل ثلاثة من مشجعي الفريق الفائز حتى أن أحاديث كثيرة تكاد تجزم بأنه أعطى أوامره لمجموعة من المسلحين للقيام بذلك. كما تسبب - حسب مواقع إلكترونية ليبية - في قتل أحد نجوم الكرة الليبية، هو بشير الرياني، الذي تعرض للتعذيب بسبب غيرة الساعدي من موهبته، فضلاً عن إحراقه مقر الأهلي البنغازي وحذفه اسم نادي السويحل من سجلات الكرة الليبية عندما ترأس اتحاد اللعبة !. وقد كان الساعدي القذافي صيداً سهلاً للأندية الإيطالية، التي تهافت بعضها عليه لتغطية نفقاتها، معتمدة على ميزانية طائلة كانت تحت تصرفه أينما حل وارتحل، حتى أن معشوقه نادي يوفنتوس أقنعه في البقاء ضمن مجلس إدارته مقابل دفع ملايين الدولارات ، أما بيروجيا فقد استفاد هو الآخر من المال الليبي «السائب»!، وهذا ما كشفته تصريحات صدرت من بعض لاعبيه بقولهم ساخرين إن الساعدي كان أحسن لاعب في العالم، لأنه كان يمنحهم والمدرب وحتى رئيس النادي أموالاً وسيارات فارهة». وبعد حصوله على ما أراد، اعتذر بيروجيا للقذافي الابن عن عدم إمكانية بقائه في الفريق، واتهمه النادي الإيطالي بتعاطي المنشطات، على الرغم من أنه لم يشارك الفريق في مبارياته حيث جلس طويلاً على مقاعد البدلاء في وقت كان مدركاً صعوبة اشتراكه في الميدان على حساب المحترفين واللاعبين النجوم. وفي ذلك الحين غطى الساعدي على خروجه من النادي الإيطالي بحملة قادها أتباعه لجمع التبرعات من المشجعين ودفعها إلى نادي بيروجيا من أجل إعادته إلى الملاعب الليبية المتعطشة لرؤية سحر «قذافينهو» على الطبيعة .