في تطور غير متوقع لسلسلة الاحتجاجات المحدودة التي اندلعت أول أمس الاثنين في مملكة البحرين، سقط بحريني ثان قتيلا نتيجة إطلاق قوات الأمن البحرينية قنابل مسيلة للدموع على موكب تشييع جنازة أحد الذين قتلوا في التظاهرات. وقال مسؤولون في مجمع السلمانية الطبي إن رجلا في الواحدة والثلاثين فارق الحياة متأثرا بجراحه. وبمقتل الرجل الثاني في صفوف المحتجين، تزداد احتمالات التصعيد ضد الأسرة الحاكمة في البحرين التي تعتبر حليفا استراتيجيا للغرب ومقرا للأسطول الخامس الأمريكي. وقد انسحبت قوات "شرطة مكافحة الشغب" بعد الاصطدامات وسمحت للحشد بتشييع جنازة القتيل واسمه علي عبد الله مشيمة. وكان مشيمة قد قتل، أول أمس الاثنين، خلال صدامات وقعت بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين خرجوا مطالبين بمساحة أكبر من المتاح حاليا من الحرية والحقوق الديمقراطية. وجرح ما لا يقل عن 25 شخصا نتيجة إطلاق الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين. وعبر بيان صادر عن وزير الداخلية البحريني، رشيد بن عبد الله آل خليفة، عن عزائه لعائلة القتيل، ووعد بإجراء تحقيق في ظروف مقتله ومحاسبة المسؤولين في حال ثبوت استخدام مفرط للقوة ضد المحتجين. وكان حكام البحرين قد حاولوا، الأسبوع الماضي، إحباط الدعوات إلى الاحتجاجات بأن وعدوا بصرف مبلغ 2700 دولار لكل عائلة وبتخفيف الرقابة على وسائل الإعلام. وشجبت "كتلة الوفاق"، إحدى كتل المعارضة الشيعية الرئيسية في البحرين، ما أسمته "محاولات الترهيب والممارسات البربرية التي تنتهجها قوى الأمن ضد الاحتجاجات السلمية". ويطالب المحتجون بهامش أوسع من الحريات وبتغيير جذري لأسلوب حكم البلاد، بما في ذلك إعطاء سلطات أوسع للبرلمان وكسر سيطرة الملك على المواقع المهمة في السلطة. يذكر أن الأغلبية الشيعية في البحرين، التي تشكل 70 في المائة من عدد السكان، تشكو منذ فترة طويلة من تمييز النظام الحاكم ضدها. ويستشهد حكام البحرين بالانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا كدليل على الانفتاح السياسي، مع وصول 18 معارضا إلى مقاعد البرلمان التي يبلغ عددها 40 مقعدا. ويتخوف السُّنة في البحرين من النشاطات الاحتجاجية التي يقولون إنها تهدف إلى تقويض النظام وإقامة علاقات قوية مع إيران. وتجري حاليا محاكمة 25 شخصا شيعيا بتهمة التآمر ضد النظام الحاكم. مصر... دعوات إلى الإصلاح بعد الثورة وعلى الجانب المصري الذي استطاع حتى الآن أن يفرض صوته بقوة على الأوساط السياسية بعد انتصار ثورته، تصاعدت الدعوات بين أوساط العاملين في مختلف القطاعات المصرية إلى رفع أجورهم وتحسين ظروف عملهم، وانعكست في سلسلة من الاحتجاجات ودعوات إلى الإضراب في عدد من هذه القطاعات على الرغم من تحذير السلطات العسكرية في مصر من تواصل الاحتجاجات والمظاهرات. وكان المجلس العسكري، الذي يدير شؤون البلاد في مصر بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، قد أصدر في وقت سابق من أول أمس الاثنين بيانه الخامس الذي حذر من استمرار الاعتصامات والمظاهرات، قائلا إنها "تضر بأمن البلاد واقتصادها". وناشد البيان قطاعات الشعب المصري بوقف ما وصفه ب"الوقفات" الاحتجاجية لتهيئة الظروف المناسبة للانتقال إلى الديمقراطية، كما جاء في البيان. كما التقت قيادة الجيش بمجموعة من بعض ناشطي الأنترنيت المصريين الذين ساهموا في إشعال حركة الاحتجاج الشعبي التي أطاحت بنظام مبارك، للاستماع إلى وجهات نظرهم بشأن الإصلاحات الديمقراطية بعد حل مجلسي الشعب والشورى. وقال الناشط المصري وائل غنيم، الذي سبق له أن اعتقل ثم أفرج عنه في وقت لاحق لدوره في الانتفاضة، والمدون عمر سالم، في مذكرة بعنوان "لقاء مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة" نشراها على الأنترنيت، إنهم التقوا عضوين في المجلس الأعلى "لفهم وجهة نظرهم وعرض وجهة نظرنا". وأضافا أنهما أكدا لهما أن الجيش لا يريد التمسك بالسلطة بل يؤمن بأن الدولة المدنية هي السبيل الوحيد في مصر. وأوضحا أن قيادة الجيش أكدت أنه "تم تشكيل لجنة دستورية مشهود لها بالنزاهة والشرف وعدم الانتماء إلى اتجاهات سياسية للانتهاء من التعديلات الدستورية في غضون عشرة أيام، وسيتم الاستفتاء عليها خلال شهرين". ودعا ائتلاف شباب الثورة المصرية إلى إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة وحل الحزب الوطني الحاكم في عهد الرئيس السابق مبارك. وطالب الائتلاف، في مؤتمر صحفي عقده أول أمس الاثنين، بوقف العمل بقانون الطوارئ وتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل، وكذلك إلغاء قانون الأحزاب خلال عشرة أيام، والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين. وقد شهدت مصر مظاهرات وإضرابات جديدة لفئات مهنية مختلفة تطالب القيادة العسكرية بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل. تقاسم السلطة من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية البريطاني، وليم هيج، إن المجلس أعلن عزمه على تقاسم السلطة مع مدنيين وتنظيم استفتاء شعبي على تعديلات دستورية سريعا. وقال هيج إن رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق أبلغه أنه سيجري تعديلا وزاريا في حكومته خلال الأسبوع القادم لضم شخصيات معارضة للحكومة التي عينها مبارك الشهر الماضي. بدورها، أشادت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بدور الجيش المصري إبان الانتفاضة وبتوليه مسؤولية الحكم في المرحلة الانتقالية. ووصفت الإجراءات التي اتخذها، في ما سمته ب"المرحلة بالغة الصعوبة"، بكونها "تدعو إلى الاطمئنان"، بيد أنها استدركت: "ولكن يبقى الكثير للقيام به". وذكرت بالعلاقة الوثيقة بين الجيشين المصري والأمريكي، داعية الأخير إلى مواصلة العمل بجدية في قيادة العملية الانتقالية "وصولا إلى انتخابات حرة ونزيهة". مظاهرات فرعية وشهدت القاهرة مظاهرات للعاملين في البنوك ووسائل المواصلات والسياحة، بعدما أدت احتجاجات المصريين، لمدة 18 يوما، إلى الإطاحة بالرئيس السابق. كما تظاهر أفراد الشرطة في ميدان التحرير ليعبروا عن تضامنهم وتأييدهم للاحتجاجات المناوئة للحكومة. وكان الجيش قد أخلى الميدان من المحتجين في وقت سابق. وكانت الأغلبية رحبت بقرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يوم الأحد الأخير، بحل البرلمان وتعطيل العمل بالدستور. وحث المجلس العسكري الحاكم الشعب المصري على العودة إلى العمل ومحاولة إعادة الوضع في البلاد إلى الحالة الطبيعية. لكن السلطة اضطرت إلى إغلاق البنوك أول أمس الاثنين أمام تهديدات متعددة بالإضراب عن العمل. كذلك أجلت البورصة المصرية موعد عودتها للعمل إلى يوم الأحد 20 فبراير الجاري. وكان المئات من العاملين في بنك الإسكندرية تظاهروا أمام فرع البنك الرئيسي في وسط القاهرة، مطالبين باستقالة كبار المديرين في البنك. وتظاهر المئات من العاملين في هيئة النقل العام بالقاهرة أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون، مطالبين بتحسين الأجور. ونقلت وكالة "رويترز" عن أحد المتظاهرين، ويسمى أحمد علي، قوله: "الناس الكبار يسرقون البلد والبسطاء لا يحصلون إلا على الفتات". ويلوم كثير من العاملين مدراءهم بسبب ما يعتبرونه فجوة هائلة في الرواتب بين كبار الموظفين والأغلبية من العاملين في الشركات. كذلك صف سائقو سيارات الإسعاف 70 من سيارات الطوارئ على كورنيش النيل احتجاجا على تدني أجورهم. وبالقرب من الأهرامات، احتج حوالي 150 من العاملين في قطاع السياحة، مطالبين بزيادة أجورهم. وكان قطاع السياحة، الذي تشكل عائداته 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المصري ويعد الآن في ذروة الموسم، خسر كثيرا بسبب الاحتجاجات الأخيرة. وشهدت الشركات والمصالح الحكومية في أنحاء البلاد إضرابات واحتجاجات طالت البريد والإعلام وصناعات الصلب والنسيج. وذكرت أنباء أن الجيش يحاول منع لقاءات نقابات العمال والنقابات المهنية، بما يعني عمليا حظر الإضرابات، لكن وسائل الإعلام تقول إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى مزيد من القلاقل والاضطرابات. وفي احتجاج آخر، خرج المئات من رجال الشرطة في الزي الأمني أو ملابس مدنية إلى ميدان التحرير وهم يهتفون "الشرطة والشعب إيد واحدة"، ويتعهدون ب"تكريم شهداء الثورة". وأراد ضباط الشرطة توصيل رسالة مفادها أنهم أجبروا، ضد إرادتهم، على التصرف العنيف تجاه المتظاهرين في بداية الاحتجاجات. وفي الوقت الذي يحظى فيه الجيش بالاحترام يشعر الناس بالكراهية تجاه الشرطة، ومحاولة بناء الثقة بين الناس والشرطة ستحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد. الإخوان المسلمون ينوون تأسيس حزب أكدت جماعة الإخوان المسلمين أنها تعتزم تأسيس حزب سياسي في مصر بمجرد رفع القيود التي حالت دون تحقيقها وجماعاتٍ أخرى ذلك أثناء حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وقالت في بيان إنها أعلنت رغبتها في تأسيس حزب قبل سنوات، ولكن قانون الأحزاب، الذي كان أحد القيود العديدة المفروضة على النشاط السياسي أثناء حكم مبارك، حال دون تحقيق ذلك. وأضافت في البيان الذي نشر على موقع الجماعة على الأنترنيت بتاريخ 14 فبراير: "عندما يتحقق المطلب الشعبي بحرية تكوين الأحزاب، سوف تنشئ الجماعة حزبا سياسيا". وقالت جماعة الإخوان المسلمين، يوم السبت الماضي، إنها لن ترشح أحدا من أعضائها لمنصب الرئاسة ولن تسعى إلى الحصول على أغلبية في البرلمان في الانتخابات التي تعهد بإجرائها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد بعد تخلي مبارك عن سلطاته يوم الجمعة الماضي. وتعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بنقل السلطة إلى حكومة مدنية وإرساء الحكم الديمقراطي، وقال إنه سيتولى إدارة البلاد بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات. وأبدت الولاياتالمتحدة قلقها مما وصفته بتصريحات الجماعة المناهضة للولايات المتحدة، إلا أنها لم تذهب إلى حد القول بأنها ضد قيامها بدور في الحكومة المستقبلية في البلاد. الميرازي يدعو "الجزيرة" و"العربية" إلى تغطية الوضع في السعودية وقطر
فجر الإعلامي المصري حافظ الميرازي مفاجأة من العيار الثقيل عندما دعا مباشرة قناتي "الجزيرة" و"العربية" إلى تناول الوضع في السعودية وقطر كما تتناولان الوضع في مصر. وجاء ذلك إثر تردد أنباء عن إقالته من العربية بعد أن اقترح مناقشة تأثير ثورة مصر على السعودية. وقال الميرازي، الذي عمل سنوات في "الجزيرة" القطرية، ل"فرانس برس" أول أمس الاثنين: "قبل أن يتحرر الإعلام المصري كنا مضطرين إلى العمل في "الجزيرة" أو "العربية" لأننا لم نكن نستطيع أن نتحدث في الإعلام الخاص أو الحكومي". وأضاف: "الآن وقد تحرر الإعلام المصري، فإن أي زميل يتحدث عن الأوضاع في مصر يجب أن يتمكن من الحديث أيضا عن الأوضاع السياسية في قطر على قناة "الجزيرة" أو عن الأوضاع في السعودية على قناة "العربية"". وكان الميرازي انتقد بحدة الإعلام السعودي في حلقة من "استوديو القاهرة" الذي تذيعه قناة "العربية" والتي تناول فيها تغطية الصحافة السعودية للثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في مصر. وقال خلال الحلقة التي استضاف فيها الإعلامي المصري حمدي قنديل: "هل تجرؤ الصحف السعودية على أن تقول كلمة على الملك عبد الله أو على النظام السعودي". وأضاف قائلا: "إن لم نستطع أن نقول رأينا فلنتوقف، الحلقة القادمة سنجرب ذلك.. سنتحدث عن تأثير الأحداث في مصر على الوضع في السعودية، إذا تم ذلك ف"العربية" قناة مستقلة وإذا لم يتم فأودعكم وأشكركم على متابعتكم معي خلال هذه الفترة من أستوديو القاهرة". وفي تصريحه ل"فرانس برس"، قال الميرازي إنه فوجئ بعدم إعادة بث هذه الحلقة في موعدها المعتاد في الثانية عشرة من بعد منتصف الليل، مضيفا: "بدلا من ذلك أذاعوا برنامج "استوديو بيروت" الذي كان متوقفا منذ بداية الأحداث في مصر". وأضاف: "في اليوم التالي، أبلغناهم بأننا جاهزون للحلقة الجديدة من البرنامج، إلا أنهم ردوا قبل ساعتين فقط من التصوير بأن القناة قررت خفض حجم تغطيتها للوضع في مصر بسبب تحسن الأوضاع، ولذلك ستعود إلى برامجها العادية، وبالتالي يعود البرنامج إلى موعده الأسبوعي". وقال الميرازي إن الحلقة القادمة "يفترض أن تذاع يوم الجمعة في السابعة مساء وعلى الهواء، وأن الموضوع لم يتغير وهو نفس الموضوع". وكانت عدة مواقع عربية نشرت غداة الحلقة، يوم الأحد الماضي، أن الوليد بن إبراهيم، رئيس مجلس إدارة مجموعة "إم بي سي" المالكة لقناة "العربية"، أصدر قرارا عاجلا بإعفاء الميرازي من العمل في القناة. لكن الميرازي نفى توصله بهذا القرارذ، وقال: "لن أتوقف عن تقديم البرنامج حتى إذا أرادوا أن يكون شهريا أو حتى سنويا. أنا حريص على البقاء معهم لأنها محطة جديرة بالاحترام وإذاعتها لبرنامجي ستؤكد ذلك".