اعتبرت جهات عدة، مهتمة بالشأن العام المحلي، رصد ما يقارب ثلاثة مليارات سنتيم لترميم مقر عمالة القنيطرة تبديدا للمال العام وإهدارا له، ويعاكس التوجهات العامة الداعية إلى الحكامة الجيدة وترشيد النفقات والحرص على الاستجابة للأولويات ذات الارتباط الوثيق بانتظارات المواطنين. واستغربت المصادر من صرف مليارين و700 مليون في أشغال وصفت بالعادية جدا، والتي لا تتناسب إطلاقا مع الميزانية التي خصصت لإنجازها، خاصة بعد اقتصار هذه الأشغال على هدم الحيطان الداخلية للمكاتب وتعويضها بالألمنيوم والزجاج، وتكسية الأدراج بالرخام، ووضع «موكيط» بلاستيكي، وتغطية السقف بالجبص، وبناء ملحقة صغيرة من ثلاثة طوابق لفائدة والي الجهة والكاتب العام. وأضافت الجهات نفسها أن ما صُرف، خلال فترة العامل السابق عبد اللطيف بنشريفة، على عملية ترميم مقر العمالة القديمة مبلغ خيالي ومبالغ فيه، وكان يكفي لبناء مقر جديد للعمالة بمواصفات عالية، ووفق تصميم هندسي ومعماري رفيع، يفوق بكثير ما تم إنجازه، وهو ما يستلزم، في نظرها، إيفاد لجنة للبحث والتحري في طبيعة الصفقات المتعلقة بمشروع ترميم العمالة، والتدقيق في جميع الفواتير والوثائق الخاصة به، ومقارنتها بما هو موجود على أرض الواقع. إلى ذلك، لجأ المسؤولون الإقليميون إلى استئجار بناية متوسطة كملحقة مؤقتة للعمالة، التي لم تنته بها الأشغال بعد، بسومة كرائية تفوق المتوقع، حيث وصلت إلى 11 مليون سنتيم شهريا. وأشار مصدر موثوق إلى أن المسؤولين لم يبذلوا أي جهد من أجل تخفيض القيمة المذكورة، سيما أن البناية نفسها، يضيف المتحدث، كانت ستُكترى من طرف آخرين بسومة لا تتجاوز نصف المبلغ السالف إلا بقليل. مسلسل تبذير المال العام سيتواصل على حساب الأولويات الملحة، فاستنادا إلى المعطيات التي جاءت في الوثائق الخاصة بالميزانية الإقليمية، فقد تم تخصيص مليار سنتيم لفائدة دراسات مشاريع مختلفة، وهذا النوع من المصاريف يعد بالنسبة للعديد من الإدارات مجالا للاختلاسات والنهب، بحكم غياب المقاييس المحددة لضبط المبالغ الحقيقية لهذه الدراسات. وفي الوقت الذي لم تبرمج أي اعتمادات للحد من آثار الفيضانات في الإقليم، رغم الكارثة التي حلت بالغرب في السنة الفارطة، تساءل المتتبعون عن السر وراء اهتمام المجلس الإقليمي بميدان القنص، الذي كان الهواية المفضلة للوالي السابق عبد اللطيف بنشريفة، حيث رصد مصاريف يصعب ضبطها على أرض الواقع، فأزيد من 110 ملايين خصصت لشراء الطرائد والحبوب الخاصة بها، فيما رصد مبلغ 60 مليونا لترميم وصيانة وتشغيل وتسيير محطات تربيتها، وإجراء إصلاحات بمركز القنص.