منع عدد من الأشخاص الذين كانوا متوجهين إلى العاصمة الليبية طرابلس، أول أمس، من السفر في آخر لحظة من المطار الدولي محمد الخامس في الدارالبيضاء، بعدما أنهوا جميع الإجراءات الإدارية داخل المطار وتأهبوا لركوب الطائرة، حيث فوجئوا بمنعهم من عبور البوابة المؤدية إلى ساحة المطار من قبل مسؤول أمني. واضطر هؤلاء، الذين كانوا يمثلون مجموعة من المنتسبين إلى الرابطة العالمية للشرفاء الأدارسة والمجالس العلمية المحلية وبعض الباحثين كانوا سيشاركون في الملتقى العالمي الثاني للتصوف، الذي ينعقد في العاصمة الليبية، إلى الاعتصام داخل المطار في انتظار مسؤول لمحاورته، ولدى توجههم إلى بعض المسؤولين الأمنيين في المطار أخبرهم هؤلاء أن منعهم جاء بأمر «شفوي» من جهات لم يسمها، مما دفع أعضاء الوفد، الذين يتجاوز عددهم 80 شخصا، إلى الاستمرار في اعتصامهم طيلة النهار والليلة بكاملها داخل المطار، قبل أن يضطروا إلى العودة من حيث أتوا، صبيحة أمس. وقال عضو من الوفد الممنوع من السفر ل«المساء» إنه فوجئ والذين معه بقرار المنع في آخر لحظة، قبيل إقلاع الطائرة على الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر أول أمس، بعدما أتموا جميع الإجراءات المطلوبة، دون أن يتعرضوا لأي منع، وأضاف أن عضوا في مجلس علمي محلي في الجنوب تلقى مكالمة هاتفية في اللحظة التي جاءهم فيها قرار المنع، ما دفعه إلى الانسحاب فورا. وبعد حوالي ساعة، تلقى شخصان آخران من أعضاء المجالس العلمية المحلية مكالمتين هاتفيتين متفرقتين اضطرا بعدهما إلى إخلاء المطار، وأبلغ أحد المنسحبين الثلاثة بعض المشاركين أن المكالمة الهاتفية التي تلقاها كانت من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، شخصيا، يأمره فيها بالانسحاب ومغادرة المطار، فيما ظل الآخرون ينتظرون أن يتم السماح لهم بالسفر، بعدما اضطر ربان الطائرة إلى تأخير الرحلة لفترة محددة في انتظار حل المشكلة، دون فائدة. وقال بيان للوفد، توصلت «المساء» بنسخة منه، إنهم تعرضوا للمنع «دون أي توضيحات» وإن المسؤولين الأمنيين في المطار أبلغوهم بالقرار في صالة مراقبة الجوازات، في الوقت الذي كان بعض أعضاء الوفد قد أخذوا مقاعدهم داخل الطائرة قبل أن يضطروا للنزول، وأشادوا بالمعاملة الحسنة التي تلقوها من مختلف المسؤولين الأمنيين الذين وصفوا الحوار معهم بأنه كان «جيدا وهادئا». وقضى الممنوعون من السفر «ليلة بيضاء» داخل المطار، حيث علقوا لافتات احتجاجية كُتب في واحدة منها أن «الملك يدعو إلى الشفافية والديمقراطية وبعض المغرضين يعاكسون توجهاته». وقد التقى الوفد، صبيحة أمس، برئيس مجلس النواب، عبد الواحد الراضي، الذي كان في سفر خارج المغرب، وأبلغوه بالمشكلة ووعدهم بأنه سيتدخل لحلها، فيما ما يزال الوفد معلقا داخل المطار، حتى كتابة هذه السطور، منتصف يوم أمس. وحسب بعض أعضاء الوفد الذين تحدثت إليهم «المساء»، فإن قرار المنع ربما يكون قد اتُّخذ نتيجة تدخل مباشر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وقال هؤلاء إن الوزارة التي فشلت في تنظيم الملتقى العالمي للتصوف في «سيدي شيكر» هذا العام، بسبب الانتقادات التي تلقتها الدورات السابقة وبسبب مقاطعة بعض الزوايا له، ربما قد تكون وراء هذا المنع، لأن مشاركة وفد مغربي كبير في الملتقى العالمي للتصوف في ليبيا سيكون بمثابة «عدم اعتراف» بمبادرة الوزارة، حسب قول مصدر من المعتصمين.