تلعب الأسماك والحيوانات البحرية دورا مهما في تغذية البشر. ولئن كان هذا مقتصرا في السابق على غذاء سكان المناطق المطلة على السواحل، فإن الأمور تغيرت كثيرا في السنوات الخمسين الأخيرة بالنسبة إلى سكان مناطق واسعة وداخلية في العالم، والسبب هو تنامي الرغبة لدى شعوب العالم نحو تناول الأطعمة الصحية وتشجيع الإرشادات الطبية على تناول الأسماك والحيوانات البحرية، بدلا من تناول اللحوم الحمراء، كوسيلة لتقليل كمية الدهون المشبعة في الغذاء اليومي ورفع كمية تناول «أوميغا 3»، التي تتوفر في الدهون الموجودة في زيت السمك. وقد دعمت هذا التوجهَ نتائجُ الدراسات الطبية التي أثبتت أن الحرص على تناول وجبتين غذائيتين في الأسبوع، على الأقل، من الأسماك والحيوانات البحرية يقلل من الوفيات بأمراض القلب ويرفع من مستوى عمل الدماغ ويقي من الإصابات بمرض السكري وارتفاع الكولسترول ومن غيرها من الأمراض المزمنة. ومع زيادة إقبال الكثيرين على تناول الأسماك وعلى تناول أنواع الحيوانات البحرية الأخرى، ظهرت مشكلة صحية أخرى، وهي ارتفاع الإصابات بحالات الحساسية من بروتينات لحوم الأسماك ولحوم الحيوانات البحرية. والمقصود بالحيوانات البحرية في هذا المقال هو ما يسميه البعض الأسماك الصدفية، ويتناول الناس نوعين رئيسين منها: النوع الأول هو القشريات، وهي حيوانات بحرية أو نهرية، تغلفها أغطية صلبة نسبيا ولا يوجد فيها هيكل عظمي داخلي، وخاصة لا توجد فيها فقرات للظهر، مثل الروبيان، قمبري، والسرطان البحري، والنوع الثاني هو الرخويات، التي تشمل عدة أنواع من الحيوانات البحرية، كالمحاريات، التي يغلفها غطاء من صدفتين قويتين نسبيا. بسبب الحساسية، بكل أنواعها، تحصل تفاعلات الحساسية من أنواع الأطعمة لدى اضطراب عمل جهاز مناعة الجسم في تعرفه على وجود المواد الكيميائية في تلك الأطعمة. وفي حال الحساسية من الحيوانات البحرية، يتعرف الجسم على أنواع من بروتيناتها ويصنفها جهاز المناعة بأنها مواد ضارة وغريبة يجب تخليص الجسم منها. وبالتالي، تنتج خلايا جهاز المناعة أجساما مضادة خاصة وموجهة ضد تلك المواد البروتينية. وحينما تدخل إلى جسم ذلك الشخص تلك البروتينات بالذات لاحقا، أي عند تناوله ذلك المنتج الغذائي البحري المحتوي عليها، تلحظ تلك الأجسام المضادة وجود هذه البروتينات في الجسم. وبالتالي، تفرز خلايا جهاز المناعة مواد «هيستامين» وغيرها، وهي مواد تعمل على تهييج حصول تفاعلات الحساسية، ومن ثم ظهور أعراضها في الجلد أو الجهاز التنفسي أو بقية الجسم.