باح صلاح الدين العلوي، سجين سياسي سابق ونقابي، لصحيفة «الأسبوعي» التونسية بوقائع التعذيب الذي تعرض له في السجون التونسية في عهد النظام السابق، حيث زج به في سجون تونس بتهمة الانتماء إلى حركة سياسية محظورة لمدة 14 عاما. العلوي، الذي امتهن الهندسة الفلاحية في جهة جندوبة بالشمال الغربي لتونس وكان له نشاط نقابي بارز، أكد أنه اختطف من بيته ذات ليلة ليرمى به في غياهب السجون بدون تهم تحمل إثباتات أو أدلة قاطعة. وعن عملية اعتقاله يقول: «في إحدى ليالي شهر دجنبر إبان التسعينيات، اختطفت تحت جنح الظلام من منزلي ومن وسط عائلتي، لأعيش بعد ذلك أياما كالحة، لم يطلع لها فجر إلى حين الإفراج عني». وواصل قائلا: «التعذيب عشته على مراحل انطلقت من مركز الأمن في بوسالم مرورا بجندوبة وصولا إلى قبو الداخلية. وأول جرعات التعذيب والمهانة كانت عندما تم نزع ملابسي بالكامل في مركز بوسالم ووضعي بين طاولتين وضربي ضربا مبرّحا في كل مكان من جسدي، ومع البرد القارس لفصل الشتاء تشعر بأن كل صفعة تهوي على وجهك وكل ركلة تصوّب إلى بدنك هي كسيف يقطع أوصالك ليختلط في ذهنك الشعور بالألم وبفقدان الإحساس بكل شيء». السجين السياسي السابق تحدث عن فظاعة الأساليب المعتمدة من قبل أعوان الأمن، الذين وصفهم ب»الساديين»، خلال استنطاقه، والإرهاب النفسي والجسدي بدءا من التهديد بالاعتداء الجنسي (وبالعصا والقارورة) أو بالاعتداء على زوجته أو إحدى قريباته أمام عينيه. ويواصل العلوي سرد وقائع سنوات «الهولوكوست» -حسب الصحيفة- داخل سجون الداخلية، موضحا أن طبيبا كان يشرف على عمليات التعذيب بهدف بقاء السجين حيا لمزيد من تلقي جرعات الألم، من ضرب على الركبتين ومفاصل أصابع اليد واقتلاع الأظافر والضرب المبرّح في أكثر المناطق حساسية والاعتداءات الجنسية على بعض السجناء.. كل ذلك كان يتم بغير محاكمة عادلة ولا تهم مثبتة. وأقر العلوي بأنه تمنى للحظات الموت الرحيم نتيجة الكم الهائل من التعذيب المسلط عليه والذي فاق كل التخيلات، يقول معبرا عن ذلك: «وأمام هذا الكابوس المتواصل من الرعب والإرهاب والترهيب، يصبح الموت مطلبا رحيما نتمنى حدوثه، وهو ما دفعني في مناسبتين إلى كتابة مطلب وتسليمه إلى مدير سجن برج الرومي، عماد العجمي، ليبلِّغه إلى بن علي أطلب فيه منه إعدامي لأرتاح من العذاب الذي أعيشه يوميا، وقد سمعت أن هناك من السجناء من انتحر أو قام بمحاولات انتحار ليتخلص من التعذيب».