يبدو أن الهدوء النسبي الذي كان يخيم على الجزائر انجلى بعد ما آلت إليه ثورة الجارة تونس، حيث شهدت الجزائر أول أمس السبت اضطرابات أدت إلى سقوط جرحى في صفوف المدنيين ورجال الأمن إثر تدخل قوات الأمن لإحباط محاولة قام بها حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، وهو حزب علماني معارض، لتنظيم مسيرة في العاصمة أول أمس، وقد وصلت حصيلة المصابين إلى 42 جريحا بين المتظاهرين، بينهم رئيس كتلة حزب «التجمع» في البرلمان، وسبعة بين رجال الشرطة. وكان حزب «التجمع» قد دعا إلى مسيرة يوم السبت الأخير -بالرغم من وجود قانون يمنع تنظيم المسيرات في العاصمة- تنطلق من ساحة أول مايو إلى مقر المجلس الشعبي الوطني (البرلمان). وقال الحزب إنها سلمية والهدف منها «المطالبة بالإفراج عن السجناء الذين اعتقلوا خلال المظاهرات الأخيرة، ورفع قانون الطوارئ، واستعادة الحريات الفردية والجماعية التي يكفلها الدستور، وحل جميع المجالس المنتخبة»، وفق ما جاء في بيانه. كما بث التلفزيون الجزائري بيانا لمصالح ولاية الجزائر دعت فيه المواطنين إلى التحلي ب«الرزانة والحذر وعدم الاستجابة للاستفزازات التي قد تصدر للمساس بالسكينة والطمأنينة العموميتين» خلال المسيرة «غير المرخصة». وذكرت الولاية أن «المسيرات في العاصمة ممنوعة»، وشددت على أن «كل تجمهر بالشارع العمومي يعتبر إخلالا ومساسا بالنظام العام»، إلا أن الحزب رد عليها ببيان آخر مساء يوم الجمعة أكد فيه تمسكه بتنظيم المسيرة. وأفادت مصادر رسمية بإصابة سبعة شرطيين بجروح في صدامات مع أنصار «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» المعارض أمام مقر الحزب في العاصمة الجزائرية. وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية أن اثنين من الشرطيين الجرحى في حالة خطيرة. من جانبه، أعلن «التجمع» إصابة رئيس كتلته البرلمانية عثمان امعزوز خلال محاولة التظاهر، ونقله إلى المستشفى، بينما أعلن الناطق باسم الحزب محسن بلعباس قبل ذلك عن سقوط خمسة جرحى. وقال رئيس الحزب سعيد سعدي إنه «محاصر في مقر الحزب بشارع ديدوش مراد، وإن ما يقارب ثلاثة آلاف شرطي منتشرون في ساحة الوئام المدني ويمنعون مناضلي الحزب من الوصول إليها». وفي تونس، تواصلت الاحتجاجات، حيث انطلقت صباح أمس مسيرة غاضبة أطلق عليها أصحابها «مسيرة الحرية» من مدينة سيدي بوزيد باتجاه العاصمة بمشاركة مئات التونسيين، بدعوة من الاتحاد العام للشغل، من أجل المطالبة برحيل رموز عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. واقتحم أول أمس السبت مئات المحتجين -الذين لم يرضهم تعهد الغنوشي، في خطاب متلفز مساء الجمعة، بالتنحي بمجرد إجراء الانتخابات- سياجا غير محكم كانت الشرطة قد أقامته حول مكتبه في تونس العاصمة، رافعين لافتات تطالب بإخراج من أسموهم «رجال الطغيان» من حكومة الوحدة. وفي الوقت الذي كان فيه الغنوشي يعقد أول أمس اجتماعات مع زملائه في الحكومة، خرج الآلاف إلى شوارع العاصمة وبلدات أخرى لإظهار رفضهم لما يصفه كثيرون بكونه محاولة شكلية من جانبه لضم عدد قليل من المعارضين الأقل شهرة إلى الحكومة. وتجمع مئات المتظاهرين أمام مقر وزارة الداخلية في العاصمة رافعين شعارات، منها: «الشعب يريد إسقاط الحكومة» و»السفاح في السعودية والحكومة هيّ هيّ» و»الرحيل الرحيل يا عصابة إسرائيل». وفي سابقة من نوعها، نظم عدد كبير من أفراد قوات الأمن التونسي أول أمس تجمعا احتجاجيا أمام مقر الحكومة المؤقتة بالقصبة في العاصمة ومسيرة جابت شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة. وفي حدث لافت وغير مسبوق، اعترضت عناصر غاضبة من الشرطة سيارة الرئيس المؤقت فؤاد المبزع، ومنعوها لدقائق من الوصول إلى قصر الحكومة في القصبة وسط العاصمة قبل أن تتدخل عناصر أخرى وتفسح لها الطريق.