حلت لجنة تفتيش تضم أربعة قضاة من المجلس الأعلى للحسابات، منذ الثلاثاء المنصرم، ببلدية المهدية، لاستكمال مهمة افتحاص ملفات تدبير الشأن العام المحلي للجماعة، التي كانت قد شرعت في مباشرتها، شهر شتنبر السنة الماضية، قبل أن تنتقل إلى جماعة أخرى، لتعود مجددا إلى المهدية للغرض نفسه. وكشفت المصادر أن القضاة أثارهم ضعف الموارد المالية للجماعة، وأبدوا اهتماما كبيرا بحجم الاختلالات التي تطبع عملية استخلاص واجبات البلدية، وقاموا بزيارة ميدانية لميناء المهدية لمعاينة طريقة جباية المداخيل المخصصة للجماعة، كما أخضعوا ملفات مصلحة الموظفين لتدقيق شامل للتحقق من معطيات سابقة كانت قد توصلت بها، تشير إلى وجود موظفين أشباح، بينهم أسماء لها قرابة مع الرئيس الحالي لبلدية المهدية الشاطئ، إضافة إلى موظفين آخرين يحصلون على التعويضات على الأعمال الشاقة دون القيام بذلك. وأكدت المصادر نفسها أن اللجنة عززت تقاريرها بشكايات وتظلمات متضررين من تسيير الشأن المحلي للجماعة، بينها حالة الموظف «شوقي النبط»، الذي كان يشغل رئيس مصلحة تصحيح الإمضاءات، قبل أن يتم توقيف راتبه الشهري منذ سنة لأسباب ربطها بتصفية الحسابات، وحسب وثائق توصلت «المساء» بنسخة منها من أطراف معارضة داخل المجلس، فإن هذه الأخيرة تتهم الاستقلالي خليل يحياوين، رئيس البلدية، بالتورط في مجموعة من الملفات الخاصة بالتدبير الفاشل لمشروع إعادة الهيكلة بقصبة المهدية. وقال مستشار ينتمي إلى التيار نفسه إن عدد البقع والمنازل المخصصة في التصميم هو 4060، لكن بعد مرور سبع سنوات على بداية المشروع، الذي عرف انطلاقته سنة 2003، وصل العدد إلى 6000 منزل، بسبب استمرار ظاهرة البناء العشوائي في المنطقة، وهو ما أدى إلى عرقلة مشروع إعادة الهيكلة برمته، مشيرا إلى أن المعارضة تتوفر على كافة الحجج والأدلة التي تثبت تورط جهات نافذة في بيع بقع أراضي الجموع بالمهدية مقابل تلقي عمولات ورشاوى. بالمقابل، نفى خليل يحياوين، رئيس جماعة المهدية، جملة وتفصيلا وجود اختلالات في تسيير البلدية، واعتبر كل الاتهامات مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة، بما فيها قضية الموظفين الأشباح، وقال، في تصريح ل«المساء»، إن هاجس الأغلبية المسيرة لشؤون الجماعة هو البحث عن موارد إضافية لتنمية المداخيل التي تعتمد أساسا على سوق السمك وشركة جرف الرمال ومواقف السيارات والمسبح البلدي وبعض الأكرية الضعيفة، سيما، يضيف الرئيس، أن الميزانية السنوية للجماعة لا تتجاوز مليارا و200 مليون سنتيم، 900 مليون منها تصرف كأجور للموظفين، و100 مليون لشركة توزيع الماء والكهرباء، وهو ما يعيق كثيرا عمل المجلس لخلق المشاريع التنموية المسطرة، حسب قوله.