تكشف محاضر التحقيق مع عبد القادر بليرج عن الكثير من المعلومات والأسرار والألغاز التي لم يعثر لها على حل إلى حد الآن، وإذا كانت الرواية الرسمية هي وحدها التي تسمع فإن بداية المحاكمة وكلام بليرج ربما يلقيان الأضواء على كم هائل من التهم موجه إليه وإلى الخلية المنسوبة إليه، وفي انتظار ذلك تقول محاضر الشرطة إنه في غضون سنة 2004، انتقل بليرج إلى المملكة العربية السعودية بطلب من تنظيم القاعدة لترتيب مخطط لتزويد فرعه ببلاد الحرمين بالأسلحة انطلاقا من بلجيكا. وكانت المهمة الموكولة إلى أبي ياسر، وهو اللقب الذي استخدمه بليرج أثناء إقامته بأفغانستان سنة 2001 حيث تعرف لأول مرة على قادة القاعدة، حسب التحقيقات الأمنية التي أجريت معه، تتحدد في اقتناء مسدسات ورشاشات إلى جانب مواد متفجرة من نوع «تي.إين.تي» و«سيمتيكس» و«سي 4» و«سي 5 ». وكان من المتوقع أن يباشر بليرج، انطلاقا من بلجيكا تجارة تمويهية مع سعوديين لتصدير سيارات فارهة يتم استغلالها لإخفاء الأسلحة بداخلها، حيث سيتسلم أعضاء التنظيم هذه السيارات بالعاصمة الرياض بعد دخولها عبر أحد موانئ المملكة. وبعد أن توجه أبو ياسر إلى جدة بجواز سفره البلجيكي أقام بها لمدة أسبوعين، حيث كان يتردد على محل لبيع الذهب والمجوهرات بمكة تباحث مع صاحبه إمكانية تزويده بالذهب من بلجيكا، ثم انتقل إلى الرياض ونزل بإقامة سياحية ليربط في نفس الليلة الاتصال بعضو فرع تنظيم القاعدة المكلف باستقباله، ليلتحق به هذا الأخير في وقت وجيز، وطلب منه مرافقته في سيارة كان على متنها 3 أعضاء من التنظيم مدججين بالأسلحة النارية. وبعد جولة لحوالي نصف ساعة أفهموه أن أمير التنظيم لا يستطيع استقباله لاعتبارات أمنية، وطلبوا منه العودة إلى بلجيكا على أساس أن يعاودوا الاتصال به لترتيب لقاء آخر بمجرد أن تتحسن الظروف الأمنية. وبالفعل اتصل به وسيط ببلجيكا بعد مرور شهر على السفر الأول وأخبره بأن مسؤولي فرع القاعدة بالسعودية يطلبون منه العودة إلى الرياض، إلا أن بليرج تخوف من انكشاف أمره لدى السلطات السعودية ورفض السفر مجددا إلى الرياض. هذا، ويشير التحقيق الأمني إلى أن عضوا مصريا بالقاعدة هو من ربط الاتصال بمغربي يقيم ببروكسيل للعب دور الوساطة بين بليرج والقاعدة ببلاد الحرمين.. وتعود قصة توجه عبد القادر بليرج إلى أفغانستان إلى شهر واحد قبيل تفجيرات 11 شتنبر 2001، حين طلب من جزائري التوسط له لزيارة بلاد طالبان، فربط له اتصالا بشخص كردي يقيم ببروكسيل، وهو من قدماء المقاتلين بأفغانستان، قام بتزكيته لدى أبو زبيدة، أحد أبرز قادة القاعدة. وبعد أن توجه بليرج إلى كاراتشي جوا وجد في استقباله عضوين سعوديين في التنظيم تكلفا بمرافقته إلى المدينة الحدودية كويتا، حيث التقوا بمهربين باكستانيين عملوا على تهريبه إلى التراب الأفغاني واقتياده إلى مضافة بقندهار قبل أن يتم نقله إلى كابول من أجل لقاء أبي زبيدة ليسلمه رسالة التزكية التي وقعها الكردي الذي يقطن ببروكسيل. وخلال هذا اللقاء عبر بليرج عن رغبته في التباحث مع قادة القاعدة حول طبيعة المهام التي ستسند إلى فرع التنظيم ببلجيكا. وفي هذا السياق، التقى بليرج بمحمد عاطف، الملقب بأبي حفص المصري، الذي كان يعتبر أحد أبرز مساعدي بن لادن، وعقد معه على انفراد عدة لقاءات انتهت بتكليف أبو حفص لبليرج بالبحث عن أشخاص لهم مؤهلات علمية في تخصص الكيمياء من أجل دعم مشروع القاعدة المتمثل في تصنيع أسلحة كيماوية، إلى جانب تقديم الدعم اللوجيستيكي للمكلفين بتنفيذ عمليات بكل من تركيا وألمانيا. وبعد عودة بليرج إلى قندهار زاره مجددا أبو حفص ودعاه إلى حضور مأدبة عشاء قدمه خلالها إلى أسامة بن لادن باعتباره مجاهدا قادما من بلجيكا.