تتوالى الأزمات السياسية التي تعرفها بعض البلدان العربية، حيث أقدم وزراء المعارضة في حكومة رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، على تقديم استقالتهم أول أمس الأربعاء، في خطوة قد تؤدي إلى أزمة سياسية جديدة في هذه الدولة العربية. ويأتي هذا التصعيد قبيل اللقاء المرتقب بين رئيس الحكومة، الموجود حاليا في الولاياتالمتحدة، والرئيس الأمريكي باراك أوباما. وجاء هذا الإعلان نتيجة ما أسمته المعارضة اللبنانية، بقيادة «حزب الله»، «وفاة» المبادرة السورية - السعودية لتسوية الخلافات بين فريق الأغلبية المعروف ب«قوى 14 آذار» وفريق «8 آذار» المعارض، حول المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري. وخلال مؤتمر صحفي لإعلان استقالة وزراء المعارضة، وجه وزير الطاقة والمياه، جبران باسيل، من التيار الوطني الحر، الشكر إلى كل من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد على مبادرة التسوية المعروفة باسم «مبادرة السين سين». وقال باسيل إن المبادرة السعودية - السورية كان الهدف منها «مساعدة لبنان عل تخطي الأزمة الناتجة عن المحكمة الدولية، في ظل النتائج التي وصلت إليها الأمور من تعطيل، وبسبب عدم قدرة الفريق الآخر (في إشارة إلى فريق 14 آذار) على تخطي الضغوط الأمريكية، ورغم التجاوب الذي أبديناه». وتابع الوزير المستقيل قائلا: «وبعد قيامنا بمحاولة أخيرة لاستدراك الأمر، وإصرار الفريق الآخر على النهج نفسه الذي مارسه، وإفساحا للمجال أمام حكومة جديدة، يتقدم الوزراء المجتمعون باستقالتهم، طالبين من رئيس الجمهورية (ميشال سليمان) الإسراع في اتخاذ الخطوات المطلوبة لتشكيل حكومة جديدة». وكان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، ميشال عون، أحد زعماء المعارضة، قد ذكر أن «المبادرة السعودية السورية وصلت إلى طريق مسدود»، وأضاف أن «تعنت رئيس الحكومة وفريقه هو الذي أفشل هذه التسوية»، وفق ما نقلته صحيفة «الانتقاد»، الموالية ل«حزب الله». وتابع عون قائلا: «أنا لا أتكلم عن نهاية مبادرة (س- س) برغبة شخصية، بل حصل تبليغ رسمي للمسؤولين اللبنانيين»، وتابع قائلا إن «الفرقاء اللبنانيين يتحملون كامل المسؤولية، لأن الفشل في النتيجة لبناني، وليس فشلا سوريا أو سعوديا أو أمريكيا، أي أن الفشل هو فشلنا والنجاح هو نجاحنا». من جانبه، شدد رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أحد أبرز زعماء المعارضة، على أهمية الدور الذي قام به كل من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد، معبرا عن تقديره ل«إرادتهما الصادقة للوصول إلى تسوية للأزمة القائمة»، إلا أنه تابع قائلا: «لكن يبدو أن لعبة الدول الكبرى كانت أكبر». وتعتبر استقالة 11 وزيرا كافية لإسقاط حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري المؤلفة من 30 وزيرا. ويُذكر أن الأمين العام ل«حزب الله»، حسن نصر الله، كان قد وصف المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، بكونها «مؤامرة دولية»، وتعهد بأن يقوم الحزب بإسقاطها. هذا، وسبق لوزير الصحة اللبناني محمد جواد خليفة الإعلان، أول أمس الأربعاء، أن قال إن وزراء «حزب الله» وحلفاءه (الأقلية النيابية) سيستقيلون إذا لم تتم الاستجابة لطلبهم عقد جلسة لمجلس الوزراء لاتخاذ موقف من المحكمة الدولية المكلفة بالنظر في اغتيال رفيق الحريري. وقال خليفة، المنتمي إلى «حركة أمل» الشيعية لوكالة «فرانس برس»: «إذا لم ينعقد مجلس الوزراء، فهذا يعني أن الحكومة غير موجودة». وتتألف الحكومة من ثلاثين وزيرا، وتعتبر مستقيلة في حال استقالة الثلث زائد واحد، أي 11 وزيرا. وتأتي هذه التطورات في وقت لا يزال فيه سعد الحريري موجودا في الولاياتالمتحدة، حيث أجرى سلسلة لقاءات خلال الأيام الماضية مع العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.