سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يوسف راجي: «يجب تقويم عمل الأكاديميات بعد عشر سنوات من تأسيسها» عضو المجلس الإداري قال إن تشكيلة أكاديمية سوس تعاني من الترهل الذي يعيق تتبع صرف الميزانية
يرى الأستاذ يوسف راجي، عضو المجلس الإداري لأكاديمية سوس -ماسة -درعة، أن مجموعة من الإشكالات الموضوعية تعرقل السير العادي والطبيعي لمجلس الأكاديمية، وعلى رأسها ما وصلت إليه التشكيلة المكونة للمجلس من ترهُّل يصعب معه الانسجام بين جميع المكونات، بسبب كثرة عدد الأعضاء، كما يؤكد أن شساعة الجهة، من الناحية الجغرافية، تمنع الأعضاء من الانخراط الفعلي في سيرورة إنجاز الميزانية وتتبُّع تنفيذها، علاوة على الانعكاسات السلبية التي يُخلّفها غياب القانون الداخلي على تأطير آليات اشتغال المجلس، داعيا إلى سن تدبير تشاركي موضوعي... - تلعب المجالس الإدارية للأكاديميات دورا حيويا في دراسة المخططات الوزارية وفي تتبع تنفيذها على أرض الواقع، في نظركم، أين تتجلى أهمية هذه المجالس في تدبير الشأن التربوي جهويا؟ وما مدى استجابتها للأهداف الرامية إلى الرفع من مستوى التربية والتكوين؟ يجب الإقرار، من حيث المبدأ، بأن إحداث المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مكسب يستجيب للكثير من الانتظارات ليس على المستوى التربوي فحسب، ولكن كذلك على المستويين الاقتصادي الاجتماعي، فهو أولا وقبل كل شيء ترسيخ للجهوية كخيار استراتيجي للدولة، ومن جهة أخرى، يعتبر مثالا حيا للتدبير التشاركي الديمقراطي بإدماج هذه المجالس لمختلف الفعاليات الإدارية والتربوية ولمختلف مكونات المجتمع المدني في تدبير الشأن التعليمي التربوي جهويا، كما تستهدف هذه المجالس الإدارية إنتاج الآراء والاقتراحات والحلول من نفس البيئة التي أنتجت المشاكل والإكراهات والمعيقات، التي من شأنها أن تحُول دون تحقيق الأهداف المتوخاة، والتي من الطبيعي أن تختلف باختلاف خصوصيات كل جهة. يأتي كل ذلك، بطبيعة الحال، في سياق الانسجام مع الثوابت القانونية والتنظيمية والتربوية التي تؤطرها مختلف المرجعيات الوطنية، كالقانون 07.00، المُحْدث للأكاديميات، والميثاق الوطني للتربية والتكوين والمذكرات الوزارية. كما تمثل نموذجا حيا لتجسيد اللامركزية، من منظور تفويت الكثير من اختصاصات الإدارة المركزية للجهة، سعيا إلى اختزال العديد من الإجراءات والمساطر، توفيرا للجهد والوقت وتوخيا للسرعة في اتخاذ القرار وتنفيذه وتقييم أثره في الميدان ومعالجته في الوقت المناسب، عند الضرورة. - ارتباطا بموضوع الدور الهام لهذه المجالس في المنظومة التعليمية بشكل عام، ما هي الآليات التي يشتغل بها المجلس الإداري لأكاديمية سوس -ماسة -درعة، وما مدى انخراط جميع مكوناته في الإعداد للميزانية الجهوية على صعيد الأكاديمية؟ يتشكل المجلس الإداري لأكاديمية سوس -ماسة -درعة من أكثر من 60 عضوا، بحكم تعدد مكونات الجهة الترابية التي بلغت الآن تسعة أقاليم، وهي تشكيلة وصلت -بحكم عدد أعضائها وتباين مكوناتها- إلى مستوى من التّرهُّل يصعب معه الانسجام، بمعناه الدقيق.. وإذا أضفنا إلى هذا المعطى شساعة الجهة جغرافيا، ندرك، من دون عناء، الصعوباتِ الموضوعيةَ التي تعترض الانخراط الفعلي لهؤلاء الأعضاء في سيرورة إنجاز الميزانية التي تتطلب حضورا مكثفا ومتواصلا ومجهودا استثنائيا، نظرا إلى الطبيعة التقنية لهذه المهمة وتوالي مراحل إعدادها من جهة، زيادة على صعوبة مواكبة تنفيذها (مجالات صرفها والطريقة التي صُرفت بها ومعايير صرفها...) وتقييم آثارها على أرض الواقع، من جهة ثانية، علاوة على الانعكاسات السلبية لغياب القانون الداخلي على تأطير آليات اشتغال المجلس وتحديد ززنامة لمختلف عملياته وتنظيم العلاقات بين مختلف مكوناته. - انطلاقا مما ذكرتم، كيف تنظرون إلى التنسيق بين مكونات المجلس لبلورة تصورات موحَّدة بخصوص مشاكل الشأن التعليمي في الجهة؟ للتذكير فقط، فالمجلس الإداري يتشكل من فئتين أساسيتين تختلفان باختلاف طبيعة تمثيلية أعضائهما: فهناك من جهة أعضاء تربطهم علاقة مباشرة بميدان التربية والتعليم في القطاع المدرسي (وعددهم لا يتجاوز العشرة)، وهم ممثلو مختلف الفئات التعليمية وممثلو جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، وممثلان عن التعليميْن الأولي والخاص، وهناك، من جهة أخرى، ممثلو الإدارات الترابية ومختلف المجالس والمصالح الخارجية للوزارات الممثَّلة في المجلس، بحكم علاقة إداراتهم بميدان التربية والتعليم بصفة أو بأخرى. ونظرا إلى الارتباط المباشر لأعضاء الفئة الأولى آنفة الذكر بقطاع التربية والتكوين، وبحكم تقاطعات اهتماماتهم وسهولة التواصل في ما بينهم، فإنهم فقد بادروا إلى إنشاء سكرتارية للتنسيق في ما بينهم (تبقى من طبيعة الحال مفتوحة على مختلف المكونات الأخرى)، يتم التداول في إطارها في القضايا المشترَكة، سواء كانت ذات طبيعة تنظيمية أو عامة تمس الجوانب المختلفة لتنمية التربية والتعليم التي يتم تداولها في المجلس الإداري، مع انفراد كل عضو بالقضايا التي تخص الفئة التي يمثلها، والتي تُبقي له الصلاحية المطلقة في اتخاذ المواقف اللازمة إزاءها. ورغم كون هذه المبادرة ما تزال في بدايتها، ورغم تجميد أنشطتها بعد الدورة الأخيرة للمجلس- لأسباب لا داعي إلى إثارتها هنا- فقد أسفرت هذه السكرتارية عن الكثير من المواقف الحميدة التي صبت في إطار المصلحة العامة ، بعيدا عن كل المزايدات الفئوية الضيقة. أتمنى، وقد نظمت مؤخرا اجتماعها التمهيدي هذه السنة، أن يتسنى لها استئناف ممارستها، بشكل عادي، لدورها الأساسي في بلورة أرضية للتوافق بين مختلف أعضائها،من جهة، و بين هؤلاء وإدارة الأكاديمية، من جهة أخرى. - ما هي هذه الأسباب التي قلتم إنه «لا داعي لذكرها»؟ ولماذا فضّلتم التزام الصمت بخصوصها؟ قولي لا داعي إلى ذكرها لا أقصد به «الصمت» بخصوصها ولكنْ فقط وضعها في الخلف والسعي إلى فتح صفحة جديدة. أما الأسباب، فمنها التوتر الذي عرفته الساحة التعليمية في الجهة، والذي انعكس سلبا على علاقة أعضاء المنسقية في الأكاديمية وإلغاء هذه الأخيرة اجتماعاتٍ كانت مقرَّرةً مع المنسقية قبيل الدورة الأخيرة، ومنها كذلك كون معظم توصيات اللجن التي يشكل أعضاء المنسقية عمودَها الفقري لا تعرف طريقها إلى التفعيل. - طيب، ما مدى فعالية دورات المجلس الإداري للأكاديمية في مناقشة الميزانية و المصادقة عليها؟ في تقديري، يجب أن تتم المناقشة الحقيقية للميزانية على مستوى مختلف اللجن، والتي بدورها يجب أن تتم في إطار التوافقات الأولية على الشطر الذي يعنيها من الميزانية، لتبقى دورة المجلس مناسَبة ليس فقط لعرض الميزانية والمصادقة عليها وتوضيح المواقف منها ومن مختلف القضايا الأخرى، ومناقشتها مناقشة مستفيضة قابلة للأخذ والرد، وليس فقط مناسبة لتوالي المداخلات، بطريقة آلية وماراطونية -لكثرتها- تُخْتَم في النهاية بردود غالبا ما تتسم بالانتقائية، بدعوى ضيق الوقت... كل ذلك من دون كفالة حق الرد أو التعقيب حتى، ليتم بهذا الأسلوب اختزال مهمة دورات المجالس الإدارية في عرض الميزانية والمصادقة عليها، رغم كون نتيجتها محسومة سلفا، إذ لم يثبت قط، حسب علمي، منذ تفعيل المجالس الإدارية إلى حد الساعة أن صودق بالرفض على ميزانية أي أكاديمية، ولن يحصل ذلك إطلاقا لا في المستقبل القريب ولا في البعيد، ما بقيت تشكيلة هذه المجالس على ما هي عليه الآن. في نظري، يجب أن يتمتع المجلس الإداري بالصلاحيات التي تخول له تجاوز مجرد كونه أداة للمصادقة على الميزانية إلى التدبير الفعلي للشأن التربوي على مستوى الجهة، كما جاء في سؤالك الأول، وذلك بمواكبة مختلف العمليات في الميدان، من أجل البحث عن حلول للمشاكل الطارئة التي من شأنها أن تؤثر على مردودية القطاع. وحتى أكون أكثر وضوحا، اسمح لي أن أسوق الواقعة الآتية كمثال لم أقصد إثارته لذاته لو لم يفرضه السياق: الكل على علم بما عرفته جهة سوس -ماسة -درعة منذ السنة المنصرمة من احتقان غير مسبوق في صفوف رجال ونساء التعليم، بلغ ذروته عقب الاقتطاع من رواتب من مارسوا منهم حقهم في الإضراب (وحتى من لم يمارسوه). و بما أن هذا الإجراء يعتبر سابقة من نوعها، فقد زاد من تأجيج الإحساس بالاستياء الذي انعكس بطبيعية الحال على السير العادي للعمل في مختلف مؤسسات الجهة. فهل سجل المجلس الإداري للأكاديمية موقفه مما وقع ويقع في الجهة؟ هل بادر إلى عقد دورة استثنائية لتدارس هذا الوضع؟ هل قام بمحاولة ما لنزع فتيل التوتر واحتواء الوضع في بدايته قبل أن يستفحل ويصل إلى ما وصل إليه!؟... - كيف ترون تفعيل دور المجالس الإدارية للأكاديميات مستقبلا؟ أظن أن هذا رهين بمدى استجابتها الفعلية، أكثر من أي وقت مضى، للانتظارات التي ورد ذكرها في جوابي على سؤالك الأول، من تدبير تشاركي وتسهيل للمساطر واتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب ومواكبة تنزيلها على أرض الواقع وتقييم آثارها بشكل موضوعي... و بما أن المجالس الإدارية للأكاديميات على مشارف دورتها العاشرة، فإن ما راكمتْه من تجارب، منذ تفعيلها، يستلزم في نظري تقييم حصيلتها، في إطار ندوات جهوية ووطنية مفتوحة على جميع الفعاليات، لتمحيص هذه التجربة من مختلف جوانبها، بدءا بهيكلة هذه المجالس وكيفية اشتغالها وانتهاء بتقييم حصيلتها، ومرورا بمدى نجاعة آليات اتخاذ قراراتها وكيفية تصريفها على أرض الواقع.