سلط حديث الملك محمد السادس، خلال خطاب العرش، عن الطبقة المتوسطة في المغرب، لأول مرة الضوء على مكانة هذه الطبقة التي تعتبر ضعيفة ولا تقوم بدورها بسبب عدم اهتمام الدولة بها، عكس دول كثيرة سائرة في طريق النمو. ويرى الاقتصاديون أن المغرب تأخر كثيرا في خلق طبقة متوسطة عريضة تكون رافعة للتنمية، مقابل اتساع دائرة الفئات الفقيرة وتحت عتبة الفقر. وحسب أحمد بوطويل الاقتصادي، والخبير في التخطيط، فإن التقديرات تشير إلى أن 80 في المائة من المغاربة يعتبرون ضمن الفئات الأقل من المتوسطة في المغرب، فيما تتراوح نسبة الميسورين ما بين 6 و10 في المائة، أما الفئة التي يمكن أن توصف بالمتوسطة فإن نسبتها تتراوح بين 10 و14 في المائة. ويعلق بوطويل قائلا: «هذا يبين أن المغرب تأخر كثيرا في خلق طبقة متوسطة قوية مقارنة مع دول سائرة في طريق النمو، مثل تونس التي تصل فيها الطبقة المتوسطة إلى 40 في المائة من السكان». وبالنسبة إلى بوطويل فإنه لكي تلعب الطبقة المتوسطة دورا اقتصاديا وتنمويا فإنه يجب أن تتراوح نسبتها بين 60 و80 في المائة من مجموع السكان. وحول مؤشرات الطبقة المتوسطة، أكد بوطويل أن هذه الطبقة يجب أن يكون مستوى عيشها متوسطا، وأن تمتلك شقة بثمن الكراء أو الشراء المتوسط، وأن تمتلك سيارة متوسطة سواء بالقرض أو بالشراء المباشر، وحول متوسط دخل الشخص الذي يفترض أن يكون من هذه الطبقة أكد بوطويل أنه بالنظر للمواصفات السابقة فإن دخل هذه الطبقة لا يجب أن يقل عن 15 ألف درهم بالنسبة إلى الأسرة. وبخصوص أسباب عدم نشوء طبقة متوسطة عريضة في المغرب يرى بوطويل أن الأمية، ومستويات النمو الضعيفة التي عرفها المغرب خلال السنوات الماضية، وعدم ملاءمة مستوى الدخل مع مستوى المعيشة، أسباب ساهمت في عرقلة نمو هذه الطبقة. ودعا الباحث الاقتصادي إلى إعادة النظر في التعليم، وإقرار سياسة جهوية حقيقية في المغرب لدعم التنمية الجهوية من أجل المساعدة على نشوء هذه الطبقة. وكان الملك محمد السادس قد اعتبر، في خطابه أول أمس، أن الطبقة الوسطى هي عماد التوازن في المجتمع، و«الطريق إلى الانفتاح ومناهضة الانغلاق والتهميش في البلاد» وقال إن «الهدف الاستراتيجي لكافة السياسات العمومية هو توسيع الطبقة الوسطى».