كانت مفاجأة غير سارة حين زارت السعدية كعادتها محل المشعوذ الصويري، الذي لقب نفسه بالشيخ يوسف البشير الشعبي بحي آزرو بآيت ملول، إذ رأت صورة صديقتها نعيمة وهي شبه عارية على الحاسوب الشخصي للشيخ المزعوم. تظاهرت في البداية بعدم اكتراثها بالأمر، محاولة تغيير مجرى الحديث حول مآربها الشخصية، التي اعتادت قضاءها بمحل الشيخ. وبعد مغادرتها الدكان في طريقها إلى بيتها تراءت لها سيناريوهات عديدة طرحتها على نفسها وهي متوجسة من وجود صورتها هي الأخرى إلى جوار صورة صديقتها في أوضاع إباحية، واحتمال انتشار هاته الصور الفاضحة عبر الشبكة العنكبوتية، خصوصا بعد سماعها بأخبار تتداول بين الفينة والأخرى عن صور فاضحة لنساء معروفات تعرضن للفضيحة عبر الإنترنيت. كانت الصدمة قوية بالنسبة إلى نعيمة عندما أخبرت صديقتها أن صورتها موجودة بحاسوب الشيخ المزعوم، حيث يظهر جزء من جسدها العلوي عاريا. لم تصدق جارتها الخبر وتكاثرت علامات استفهام عديدة حول الطريقة التي صورها بها في هذا الوضع المخل بالآداب. انتشر الخبر كالنار في الهشيم بين زبونات أخريات كن يتعاملن مع الشيخ المزعوم، دون أن يخطر ببالهن أن يقعن في مثل هاته المواقف الحرجة، مما ولد لديهن الشك في أنهن سقطن فريسة سهلة بيد الشيخ المزعوم، الذي لم يكمل بعد عقده الثاني، حين يكن غائبات عن الوعي بعد تعرضهن لطقوس الشعوذة. ولم يكن أمام نعيمة وسعدية، بالإضافة إلى الضحية الثالثة فاطمة، سوى التقدم بشكاية إلى رئيس دائرة آزرو لفتح تحقيق في الموضوع.` عوازل طبية تحت الوسادة بعد إشعار النيابة العام بإنزكان بالقضية، قامت عناصر الأمن باقتحام محل الشيخ، الذي اجتهد في استغلال نصف محله الظاهري في بيع الأعشاب النباتية، ونصفه الآخر اتخذه غرفة خاصة لممارسة طقوس الشعوذة والاختلاء بزبوناته. وعند تفتيش دقيق للمحل تم حجز الحاسوب الشخصي للمتهم، وعند تشغليه وافتحاصه وجدت به صور فاضحة لسيدات متزوجات وعازبات التقطت لهن في أوضاع مخلة بالآداب بواسطة هاتفه الخلوي، ومعظم الضحايا من اللواتي يتوافدن على محله طلبا لقضاء أغراض شخصية مرتبطة بأعمال الشعوذة. كما تم العثور أيضا على العديد من العوازل الطبية كان يخبئها تحت وسادة نومه، وكذا بعض الأوراق المالية لعدد من العملات الأجنبية مثل الريال السعودي والأوقية الموريتانية، إلى جانب بعض أوراق الأورو وصلت في مجموعها إلى 5000 درهم مغربية تقريبا. وبعد مسح دقيق للمحل تم اعتقال المتهم مباشرة واقتياده إلى مقر الدائرة الأمنية. خلال الاستماع إلى أقواله في محضر قانوني، أفاد الشيخ المزعوم أن الصور، التي ضبطت بحاسوبه الشخصي تخص النساء اللواتي كن يتوافدن على محله، وأنهن كن يمارس معه الجنس بمحض إرادتهن، وقال إنهن كن على علم بالصور الملتقطة لهن. كما نفى أن يكون قد مارس عليهن طقوس الشعوذة أثناء التقاط الصور لهن، فيما أكدت الضحايا في محاضر الاستماع وكذا أمام جلسات المحاكمة أنهن كن يفدن على العشاب داخل محله من أجل التداوي فقط، غير أن الشيخ كان يجبر كل زبونة ترغب في العلاج بالرضوخ لطلباته باعتماد بعض الطقوس الغريبة، من ضمنها وضع بيضة بين يدي الزبونة، ثم يبدأ في قراءة «تعازيم» وطلاسم غامضة لمدة من الزمن، قبل أن تسقط البيضة ويتحول لونها إلى الأحمر، لتسقط بعد ذلك الضحية مباشرة في غيبوبة. وبمجرد ما تستيقظ تجد نفسها عارية تحت رحمة المشعوذ، الذي يكون حينها قد شرع في ممارسة شذوذه الجنسي عليها. وبعد انتهاء مدة الحراسة النظرية تم إيداع المشعوذ السجن المدني بآيت ملول، حيث أدانته ابتدائية إنزكان بثمانية أشهر نافذة وغرامة مالية، في وقت تقدم زوج إحدى الضحايا بتنازل لفائدة زوجته قصد إسقاط تهمة الخيانة الزوجية عنها. من الجزارة إلى الشعوذة لم تستمر مدة ممارسة مهنة الجزارة أكثر من سنتين، حيث كان الشيخ المزعوم قبل دخول عالم الشعوذة يكتري محلا للجزارة بحي بن عدي، غير أنه فكر في تغيير حرفته والبحث عن مهنة أخرى توفر له مداخيل مادية أكثر، خاصة بعد أن أضحت حرفة الجزارة التي امتهنها لا تدر عليه مداخيل مالية بالشكل الذي يرغب فيه، وفكر بعد ذلك مليا في البحث عن مورد مالي آخر أكثر ربحا، واهتدى في النهاية إلى فكرة شيطانية تقمص من خلالها شخصية الشيخ التقي. وفي غفلة من الجميع غادر الجزار الصويري محل الجزارة، تاركا خلفه تساؤلات عديدة لدى كل زبنائه ومعارفه حول سبب مغادرته الحي وإغلاقه محل الجزارة، قبل أن يعود إلى المنطقة مجددا بعد أزيد من سنة من الغياب، لكن هاته المرة في هيئة شيخ تقي. تغيرت ملامح وجه الجزار بعد أن ترك لحية خفيفة على ذقنه، ودأب على لباس عمامة وجلباب تقليدي ليظهر علامات الورع والتقوى لدى العامة، كما أكد لمعارفه حين السؤال عن أحواله أنه كان يدرس العلوم الشرعية في فترة غيابه بإحدى المدارس العتيقة بضواحي مدينة تارودانت. شهرة واسعة ومدونة على الإنترنيت انتقل الشيخ المزعوم إلى حي أسايس الشعبي حيث اكترى من جديد محلا شاسعا أسفل إقامة سكنية غالبية قاطنيها من العزاب والمتعاطيات للدعارة في الخفاء، وجهزه بقنينات متنوعة من الأعشاب النباتية وكتيبات عن التداوي بالأعشاب والرقية الشرعية، ثم شرع يستقبل زبناءه من الفتيات والنساء من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، ليسطع مع مرور الزمن اسم الفقيه الجديد بين النساء وسط هذا الحي الشعبي، بل بلغت شهرته بعض المناطق المجاورة بآيت ملول والدشيرة وإنزكان. ومن أجل توسيع قاعدة زبنائه وتوسيع آفاق شهرته إلى العالم الخارجي، عمل على تأسيس مدونة إلكترونية أطلق عليها مملكة الشيخ المغربي للعلوم الروحانية تتضمن كل المعلومات الشخصية المتعلقة به، بما فيها أرقامه الهاتفية وبريده الإلكتروني، وصورته الشخصية، ونبذة عن كل الأمراض المستعصية التي يعالجها. بدأت شهرة المشعوذ الجديد تمتد على نطاق واسع، خصوصا لدى النساء اللواتي وجدن ضالتهن المنشودة في هذا المشعوذ الشاب الذي لم يبلغ بعدعقده الثالث، وبدأ محله يكتظ بالعديد من زبوناته من مختلف المناطق، خاصة بعد أن لمسن مفعول طقوس الشعوذة التي يرغبن فيها، غير أنه، حسب مصادر «المساء»، لم تكن له دراية واسعة بعالم الشعوذة، بقدر ما كان يربط علاقة وطيدة مع أحد فقهاء الشعوذة المشهورين بحي الداخلة بمدينة أكادير الملقب بين العامة باليهودي، حيث كان هذا الأخير يعمل على إنجاز كل طلبات النساء اللواتي يفدن على المشعوذ الشاب بأزرو حسب رغباتهن مقابل مبالغ مالية يقتسمها المشعوذان مناصفة بينهما، غير أن غالبية النساء من مرتادات محل الشيخ المزعوم كن يعتقدن خطأ أن هو من يقوم بذلك.