سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لحسن الداودي يرفض النموذج الغربي وعلي بوعبيد يؤكد أن المجتمع المغربي يعيش العلمنة بشكل يومي إسلاميون ويساريون وأكاديميون يناقشون إشكالية فصل السياسي عن الديني
شهدت ندوة علمية نظمت بالمعهد العالي للتدبير بالدار البيضاء مساء الثلاثاء الماضي، نقاشا ساخنا حول إشكالية فصل السياسي عن الديني في المغرب، وهي الندوة التي حضرها علي بوعبيد عن «مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد» ولحسن الداودي قيادي وبرلماني عن حزب العدالة والتنمية، ومصطفى الخلفي مدير المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، ومحمد الصغير جنجار مدير مجلة «مقدمات» (Prologues)، وفيليب غودان الباحث في المعهد الأوربي لعلوم الأديان بفرنسا. فيما قامت بتنشيطها الصحفية سناء العاجي. ورفض علي بوعبيد بشكل مطلق القراءة الثنائية التي ترى في العلماني أو اللائكي ملحدا في مقابل التقي والورع، معتبرا أن هذه القراءة مغلوطة من الأساس، وأضاف قائلا إن المرء يمكن أن يكون علمانيا و«مسلما صالحا»، مشددا على دور التربية والتكوين في بناء مواطنين يتمتعون بحس نقدي وتحقيق الاستقلالية الفردية، وعدم الاقتصار على تعليم تعاليم الدين الإسلامي، بل ينبغي الانفتاح على دراسة الأديان الأخرى. وأشار علي بوعبيد إلى أن العلمنة هي مسلسل، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تفرض عن طريق إصدار قانون، مضيفا أن العلمانية في الدول الغربية وبشكل خاص فرنسا كانت نتيجة تطور تاريخي دام عدة قرون. واعتبر أن قانون سنة 1905 الذي أقر العلمانية في فرنسا سبقته أحداث تاريخية كثيرة مهدت له، ولم يكن إلا تتويجا لهذا المسار الطويل، مشيرا إلى أن طرح هذه الإشكالية في المغرب، يعني أن هناك قلقا بشأن بناء مجتمع حداثي وديمقراطي. وأشار علي بوعبيد إلى أن المجتمع المغربي يعيش بشكل يومي العلمانية. واتفق محمد الصغير جنجار على هذا الأمر عندما أطلق عليه ب«العلمنة المضمرة»، وتساءل جنجار قائلا «ما هو موقع الدين في الحياة اليومية للأفراد؟». غير أن محمد الصغير جنجار اعتبر أن هناك تباعدا بين الخطاب والواقع المعيش، مضيفا أن «العلمنة المضمرة معاشة ولكنها لا تخضع للتفكير والتأمل. إنهم يرفضونها على مستوى الخطاب، بالرغم من أنهم يعيشونها بشكل يومي». ومن جهته، أكد لحسن الداودي، القيادي بحزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية، أن العلمانية هي نتاج تاريخي معين، معتبرا العلمانية «عنفا» و«لا ينبغي أن تفرض» على المجتمع، لأن من شأن ذلك أن «يوقظ الشياطين» على حد قوله. وأوضح لحسن الداودي في مداخلته أن الإسلام يميز بشكل واضح بين المجال العام المشترك بين الجميع ويخضع لقواعد سلوك محددة لا ينبغي للأفراد انتهاكها والمجال الخاص بالأفراد الذين يمكنهم أن يمارسوا فيه ما يحلو لهم. مشيرا إلى أن الدولة تفرض قوانين ضدا على إرادة المجتمع، وداعيا إلى «تطور متحكم فيه حتى لا يتم إيقاظ الشياطين». وأضاف قائلا «نحن مع تغيير هادئ، ولا يجب أن نتبع نموذجا للتغيير تفرضه علينا أوربا». ومن جهته قال مصطفى الخلفي، مدير المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، «لا أرى هناك أي مستقبل للفصل بين السياسي والديني، بل أرى أن هناك إمكانية للتمييز بين المجالين، فالتمييز لا يعني الفصل الكلي ولا يعني الدمج الكلي. أعتقد أن التطور سيسير في اتجاه إحداث تمايز مؤسساتي ووظيفي بين المجالين السياسي والديني»، داعيا إلى تجريم استعمال المساجد في الحملات الانتخابية على اعتبار أن المساجد هي المكان الجامع لكل أفراد المجتمع. وقال «المجتمع المغربي يرفض استبدادا يستند على الدين، كما يرفض في نفس الوقت استبدادا يستبعد الدين». وأشار إلى أنه يتعين على المغاربة أن ينتجوا تصورهم لعلاقة السياسي والديني وقال «لا يجب أن نسجن أنفسنا في تصور أو جواب معين، بل يجب أن ننتج تجربتنا الخاصة». ودعا مصطفى الخلفي إلى دسترة إمارة المؤمنين التي اعتبرها مكسبا مهما في النظام السياسي المغربي، ولكنها مع ذلك تبقى خارج النظام الدستوري، وبالتالي فإن دسترة هذه المؤسسة يفرضه الأفق الديمقراطي، وهو نفس الرأي الذي يشاطره إياه علي بوعبيد الذي قال إنه يدعم مؤسسة إمارة المؤمنين سياسيا.