لم يكد محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، يعطي انطلاقة الجلسة العمومية التي خصصت صباح أمس، لمداخلات الفرق في إطار مناقشة الجزء الثاني من مشروع القانون المالي (مشاريع الميزانيات الفرعية)، حتى ثارت ثائرة عبد المالك أفرياط، عضو الفريق الفيدرالي، على خلفية قرار اتخذ بشكل «سري»، حسب المعارضة، يقضي بإعادة التصويت على الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز والنقل، التي كان مستشارو حزب الأصالة والمعاصرة قد أفلحوا في إسقاطها خلال جلسة التصويت بلجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية، التي انعقدت خلال الساعات الأولى من صباح أول أمس الثلاثاء. ووصف أفرياط، خلال نقطة نظام طالب بها في مستهل الجلسة، إعادة التصويت على ميزانية وزارة التجهيز ب«السابقة الخطيرة، التي لا يمكن الصمت عنها أو أن يقبلها الفريق الفيدرالي» وب«العبث الذي تعيشه المؤسسة التشريعية»، وبأنه «تصويت في جنح الظلام». أوصاف أثارت احتجاجات شديدة لمستشاري الأغلبية الحكومية وخلقت أجواء من التوتر اضطرت رئيس المجلس محمد الشيخ بيد الله إلى التدخل، معتبرا أن الخوض في قضية التصويت على ميزانية وزارة التجهيز هي من باب «شرح الواضحات من المفضحات». إلى ذلك، احتج حكيم بنشماش، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، وأعضاء في فريقه بشدة على ما أسموه «اجتماعا سريا ومهربا» كان من بين أهم قراراته إعادة التصويت على الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز التي يقودها الاستقلالي كريم غلاب، بعد أن فوجئ مستشارو «البام» في لجنة المالية، على حد قول مصدر من الفريق، بمحاولة الأغلبية عقد جلسة تصويت جديدة دون أن يتم توجيه استدعاءات كتابية إلى أعضاء اللجنة خاصة من المعارضة. من جهة أخرى، فوجئ المشاركون في ندوة الرؤساء، التي حضرها رؤساء الفرق وأعضاء مكتب المجلس ورؤساء اللجان، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الاتحادي إدريس لشكر، بانضمام بيد الله إلى صفوف منتقدي الطريقة التي تم بها إسقاط ميزانية وزارة التجهيز والنقل، والمطالبين بإعادة التصويت قبل انعقاد الجلسة العامة للتصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2011. ووفقا لمصادر حضرت الندوة، التي عقدت أول أمس، فقد كان هناك إجماع بين الحاضرين، بعد مناقشات مستفيضة، على أنه يتعين «الدفاع عن الشرعية» بإعادة التصويت على الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز التي «تمت بشكل غير قانوني»، مشيرة إلى أنه باستثناء رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بالغرفة الثانية، الذي فضل مغادرة الندوة قبل نهايتها، اعتبر غالبية المتدخلين، بمن فيهم وزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أن عملية التصويت «لا تتماشى مع المنطق والقانون، وفيها خرق للمسطرة التي أقرها المجلس، وأنه لا يمكن للجنة أن تتخذ قرارات خارج الإطار القانوني». واستنادا إلى نفس المصادر، فقد تقرر تبعا للمواقف التي عبر عنها خلال ندوة الرؤساء إعادة التصويت على الميزانية، وهو ما كان سيتم خلال اجتماع لجنة المالية مساء أول أمس الثلاثاء، إلا أن النقاشات الحادة التي استمرت لما يربو عن الساعة بين أعضائها، خاصة المنتمين إلى حزب «البام»، الذين لم يتقبلوا قرار ندوة الرؤساء، دفعت رئيس اللجنة إلى رفع أشغالها على أن يتم التصويت عليها صباح اليوم الموالي.