لا يجد الاتحاديون من وسيلة لإعادة تسجيل الحضور في كل مرة سوى ورقة الإصلاحات السياسية والدستورية، التي فقدت الكثير من البريق بسبب لعبة الاختفاء والظهور التي يتقنها حزب الاتحاد الاشتراكي، حتى أصبح بعض الاتحاديين أنفسهم يعبرون عن استيائهم من تكرار هذه اللعبة اللامتناهية، إذ كلما شعر الحزب بتقلص موقعه في الحياة السياسية إلا وسارع إلى التلويح بتلك الورقة، سواء قبيل الانتخابات أو أثناء مفاوضات تشكيل الحكومة عندما يشعر بأن موقعه التفاوضي ضعيف أو عندما يبدأ الحديث عن التحالفات السياسية، خشية أن يجد نفسه خارج المحاور الرئيسية. ولكن أغرب ما جاء على لسان بعض مسؤولي الحزب هو مطالبتهم بمعاقبة الممتنعين عن التصويت خلال الانتخابات، فهذا الاقتراح لا يفضح الاتحاديين وحدهم بل يعري المشهد السياسي المغربي كله، وهو بالتالي يضرب الحريات السياسية في الصميم ويصادر حق المواطن في الاختيار. وعوض أن يبحث الاتحاد الاشتراكي عن الخلل الكامن فيه، يريد أن يحمل المواطن المغربي المسؤولية، فما ذنب هذا المواطن إذا كانت الأحزاب أصلا مشلولة؟ إنه تحول دراماتيكي في مواقف حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان أكبر المقاطعين للحياة السياسية والتجارب الانتخابية في المغرب، ومع ذلك لم يكن أحد ينادي في ذلك الوقت بمعاقبته، وكان يدعو إلى المقاطعة علنا، لأنه كان يستثمر تلك المقاطعة في إغناء رصيده السياسي، أما اليوم، عندما أصبح يشارك في الحكومة وتذوق لذة السلطة، فقد غير موقفه لأن المقاطعة نوع من الإدانة للمجال السياسي.