طالب الاتحاد الأوربي، قبل يومين من الاحتفاء باليوم العالمي لمناهضة الإعدام، الذي احتُفي به يوم 10 أكتوبر المنصرم، المغرب بإلغاء هذه العقوبة، طبقا لما يقتضيه «الوضع المتقدم» الذي أصبح يحظى به في إطار الشراكة التي تجمعهما. ويأتي هذا المطلب لينضاف إلى مطالب بعض الأحزاب (الاتحاد الاشتراكي، التقدم والاشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية، وإن كانت لا تضع هذا المطلب في برامجها) والجمعيات (الائتلاف المغربي لإلغاء عقوبة الإعدام، المكوَّن من سبع جمعيات حقوقية، والذي تأسس سنة 2003) المناهضة للعقوبة، والتي ترتكز أساسا على توصية لهيأة الإنصاف والمصالحة، التي تضمنها تقريرها النهائي، الذي وافق عليه الملك، تطالب الدولة بالمصادقة على البروتوكول الثاني الملحَق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بمنع عقوبة الإعدام، الذي تم اعتماده من الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار رقم 44/138، بتاريخ 15 دجنبر 1989. تعليقُ تنفيذ لا إلغاء كانت آخر حركة اجتماعية طالبت بإلغاء عقوبة الإعدام هي تنظيم «الائتلاف المغربي لإلغاء عقوبة الإعدام»، غداة اليوم العالمي لمناهضة هذه العقوبة القصوى، عبر وقفة أمام مقر البرلمان، لتجديد مطالبته بضرورة الإلغاء. وقد قال عبد الإله بن عبد السلام، المنسق الوطني ل«الائتلاف»، خلال تلك الوقفة، إن أكثر من 120 شخصا محكوما عليهم بالإعدام في السجون المغربية «يعيشون وضعا نفسيا وصحيا مزريا ولا بد من تدخل لإنقاذهم». وأضاف بن عبد السلام أن السجون أغلقت أبوابها في وجه الجمعيات والمنظمات الحقوقية لتفقد أوضاع هؤلاء السجناء «الذين يفضل عدد منهم الانتحار، عوض انتظار أن تنفَّذ في حقه العقوبة». في الجانب الرسمي، يبدو من جهة وكأن المغرب يسير في اتجاه إلغاء عقوبة الإعدام، وأدخل ذلك في مرحلة التفكير، من خلال تنظيم ندوة من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حول الموضوع، خلال أكتوبر 2008، والتي احتفت بتعليق المغرب تنفيذ عقوبة الإعدام منذ 1993. ومن جهة ثانية، امتنع المغرب، مع 29 دولة أخرى، عن التصويت على قرار غير مُلزِم عرضته الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثانية والستين سنة 2007، يدعو إلى إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، صوتت لفائدته 104 دول ورفضته 54 دولة أخرى. لم يرفض المغرب القرار ولم يصوت لصالحه، كحل وسط، يندرج، حسب وزير العدل، آنذاك، عبد الواحد الراضي، «في إطار إنضاج التفكير في الموضوع»... في الوقت الذي أصبح التفكير محدودا بسقف تبني إلغاء عقوبة الإعدام من طرف كل الدول الديمقراطية، باستثناء الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان. «الدعم» القانوني للإعدام من المفارقة أن المغرب، ومنذ 2002، سار في الاتجاه المعاكس للقرار رقم 77/2002، المعتمَد من جانب «لجنة حقوق الإنسان»، التابعة للأمم المتحدة في نفس السنة، والذي يدعو جميع الدول التي ما زالت تطبق عقوبة الإعدام إلى «الحد، بشكلٍ مطرد»، من عدد الجرائم الموجبة لهذه العقوبة القصوى، فأصدر المشرع المغربي في نفس العام قانون مكافحة الإرهاب الذي شدد العقوبات في القانون الجنائي وحوّل الجرائم المُعاقَب عليها بالسجن المؤبد إلى الإعدام، متى ارتبطت بأعمال إرهابية. في انتظار الحسم مع الإلغاء النهائي لهذه العقوبة القاسية، ما زالت أحكام الإعدام تصدر في المحاكم المغربية. وتورد منظمة العفو الدولية آخر الأرقام التي تذكر أن 13 حكما بالإعدام صدرت في المغرب في السنة الماضية. تنضاف هذه الأحكام إلى أخرى سبقتها، لكنها لم تُنفَّذ منذ 1993، وهي السنة التي نُفِّذ فيها الإعدام على عميد الشرطة محمد مصطفى ثابت، بعد تعليق لتنفيذ هذه العقوبة دام منذ سنة 1978، حيث نُفِّذ الإعدام في حق سفاحي الأطفال مصطفى متشوق وبوشعيب الزيناني. ولم يعرف المغرب التعليق ما بين سنتي 1956 و1993، إذ تشير هيأة الإنصاف والمصالحة إلى أن 528 شخصا أُعدموا في إطار القانون أو خارجه.