ما هو الأساس الذي تبنون عليه مطلبكم القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام؟ نستند في مطالبتنا بإلغاء عقوبة الإعدام وفي دفاعنا عن الحق في الحياة، على المرجعية الكونية لحقوق الإنسان،انطلاقا من أن الحق في الحياة حق مقدس لايجب مسه تحت أية مبررات ، ويجب احترام هذا الحق انطلاقا من مجموعة من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية، المصادق عليه من طرف المغرب هذا بالإضافة إلى أن المناصرين لفكرة إلغاء عقوبة الإعدام يتضاعفون يوما بعد يوم، والدليل على ذلك أن العديد من الدول تسير في اتجاه توقيف هذه العقوبة على المستوى العالمي، وهو مؤشر إيجابي بالنسبة لنا كائتلاف. ألا ترون أن بعض الجرائم تستحق بالفعل الإعدام، مثل الاغتصاب الجماعي، والقتل العمدي...؟ عقوبة الإعدام، عقوبة لا إنسانية.. قاسية بكل المقاييس، وتمارس كجريمة بالنتيجة، لأنها تصادر حق الإنسان في الحياة، والمشكل أنها تمارس باسم القانون. نعتبر أن هناك من المبررات ما يجعل مصادرة الحق في الحياة مسألة خطيرة جدا، خاصة وأنها تمارس بعدد من الأشكال لا يمكن أن نصفها إلا بالقاسية (قطع الرأس، الكرسي الكهربائي، الرجم حتى الموت، الرمي بالرصاص، الحقن بالإبرة السامة...) ونؤكد هنا على مسألة أخرى، فالمجرم يختلف عن المجتمع، والمفروض أن يتعامل هذا الأخير بشكل متحضر، وإذا مارس المجرم القتل المفروض أن نختلف عنه ولا نمارس بدورنا القتل في حقه، وأن نسلك حيال ذلك سلوكا حضاريا بعيدا عن القتل ولو باسم القانون لأنه عندها بماذا ستختلف الدولة عن المجرم فالنتيجة واحدة إزهاق روح بشرية ، وهذه العقوبة في جميع المجتمعات تمس أساسا الفئات الضعيفة والهشة الفقراء والمعدمين والنساء والقاصرين ، وتتحكم في ذلك النزعات العنصرية والطائفية وغيرها .، ففي أمريكا دائما عقوبة الإعدام توجه ضد السود، وضد النساء، وضد الفئات الضعيفة، ولا يتساوى فيها الأمريكيون أمام القانون، بل أكثر من هذا فقد أثبتث دراسات قامت بها الأممالمتحدة أن عقوبة الإعدام لا تؤدي كنتيجة إلى تخفيض نسبة الجرائم في المجتمع ، وأكدت أن الدول التي تمارس بها عقوبة الإعدام تعرف ارتفاعا على مستوى الجرائم مثل أمريكا وغيرها ، في الوقت الذي يعرف الاتحاد الأوروبي الذي ألغت دوله عقوبة الإعدام تراجعا على مستوى نسب الجرائم. المسألة الثانية، أن عقوبة الإعدام تستعمل في كثير من الأحوال لتصفية الخصوم السياسيين، وتستهدف به كل من يعارض الظلم والقمع.. هذا بالإضافة إلى أن القضاء قد يخطئ في بعض الأحكام، وأي خطإ في تطبيق العدالة قد يؤدي إلى إعدام بريء..وبعد تنفيذ عقوبة الإعدام يصعب التعديل أو تصحيح ذلك الخطأ في المستقبل. هذه المبادرة انطلقت منذ سنوات، ولم تلق تجاوبا من طرف الجهات الرسمية؟ تمكنا كائتلاف منذ الانطلاق الفعلي للمبادرة المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام من خلق تجاوب إيجابي، والدليل على ذلك تأثير الحركة الحقوقية على عمل هيئة الإنصاف و المصالحة، هذا التأثير الذي ظهر على مستوى التوصيات، حيث كان من بين التوصيات المقترحة، توصية تتعلق بضرورة مصادقة المغرب على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام ،والتوصية المتعلقة بالمصادقة على قانون روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية ، لما لهاتين التوصيتين من علاقة بعقوبة الإعدام. ألا ترون أن مطلب إلغاء عقوبة الإعدام كنظام عقابي في المغرب أمر صعب؟ معروف أن القوانين المعمول بها بالبلد ليست قوانين شرعية، بل هي في مجملها قوانين وضعية، والقانون الجنائي الذي يتضمن عقوبة الإعدام هو قانون مستمد من القوانين الفرنسية وفي مجمله هو قانون وضعي، ومن خلال هذا الوضع لا نفهم لماذا نتوقف لدى مطلب إلغاء عقوبة الإعدام لنتحدث عن المرجعية الدينية، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فالهيئات الحقوقية المشكلة للائتلاف تستند مرجعيتها وتحركاتنا من المرجعية الكونية. في مثل هذه الحالات، أليس حريا بكم أن تطالبوا بتحديد حالات بعينها تصدر في حقها عقوبة الإعدام، عوض المطالبة بالإلغاء الكلي؟ لا يمكن أن نقوم بالانتقائية في حق مقدس مثل الحق في الحياة، وهنا سأشدد على الأخطاء القضائية، ففي حالة إعدام شخص بسبب حكم قضائي خاطئ، هل يمكن إرجاع الروح من جديد بعد معرفة براءة الشخص من التهم الموجهة إليه ظلما وعدوانا. هنا تأتي خطورة العقوبة وضرورة إلغائها واستبعادها بشكل نهائي.