حل الأحد الماضي اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، وعلى غرار كثير بقاع في العالم، جدد النشطاء الحقوقيون المغاربة، وهيئات ديمقراطية مختلفة، المطالبة بإلغاء المغرب للعقوبة القصوى، بعد أن تم تجميد تنفيذها عمليا منذ سنوات. ويذكر أن الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام، كانت قد وردت ضمن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، كما أن الحقل المدني والسياسي المغربي شهد في السنوات الأخيرة تزايد عدد الأصوات المتبنية للمطلب ذاته، وتم تشكيل (الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام)، وكل ذلك يجعل من المطلب تطلعا وطنيا داخليا تم التعبير عنه، أكثر من مرة. واليوم، عندما يتدخل الاتحاد الأوروبي داعيا المغرب إلى الإعلان عن إلغاء عقوبة الإعدام بشكل رسمي، ومؤكدا أن ذلك «سيكون خير دلالة على القيم المشتركة التي تجمع الطرفين في إطار (الوضع المتقدم ) الذي تحظى به المملكة في الاتحاد»، وعندما تكرر المطلب نفسه المنظمات الحقوقية العالمية (أمنيستي وغيرها) ، فإن هذا يعني اقتناع هذه الأوساط الدولية بقدرة المغرب على الانخراط الفاعل في السياق التطوري الكوني، وتقاسم القيم الحقوقية والديمقراطية نفسها، عكس بلدان كثيرة في المنطقة. إن الاستمرار في العمل بعقوبة الإعدام، هو إضفاء شرعية على ممارسة القتل، وهنا لا فرق في الفعل الوحشي والجرمي بين أن يمارسه الأفراد أو أن تمارسه الدولة باسم القانون، والأخطر، أن ممارسته من لدن الدولة، وبموجب القانون، يجعله مكرسا في عقول الناس كما لو أن الأمر يتعلق بسلوك عادٍ ومقبول. من جهة ثانية، فإن تنفيذ العقوبة القصوى، يجعل من المستحيل إعادة الحق للذي طبقت عليه، في حال تبينت براءته لاحقا، وقد وقعت حالات من هذا النوع عبر العالم، وأيضا في المغرب، قبل سنوات قليلة، في الجديدة مثلا، حيث ظهرت براءة أشخاص، بعد أن قضوا سنوات طويلة في السجن في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام في حقهم، فماذا لو طبق عليهم الحكم؟ وعلى مستوى آخر، فإن عددا من القانونيين ومن السوسيولوجيين وعلماء الإجرام والطب النفسي، يؤكدون أن عقوبة الإعدام لم تستطع أن تكون رادعا للجريمة، وبالتالي فإن إلغاءها من شأنه أيضا أن يفتح الباب للاجتهاد أكثر لإيجاد البدائل، ولجعل منطق التوجه الديمقراطي والحداثي في البلاد ينعكس على كل المستويات، ويجعل المغرب فعلا منسجما مع السياق الكوني، ومع القيم الحقوقية المتعارف عليها في المجتمعات المتحضرة .