اهتز أحد الأسواق الأسبوعية في جماعة الشلالات، التابعة لعمالة المحمدية، صباح أول أمس الاثنين، على وقع جريمة بشعة، الجاني والضحية فيها صديقان حميمان في مقتبل العمر. الصديقان جمعتهما سنوات طويلة، كانت بدايتها خلال مرحلة الطفولة، وامتدت خلال سنوات المراهقة داخل أحد الأحياء الصفيحية المجاورة للسوق الأسبوعي «سوق الأحد»، إلى أن بلغا سن العشرين. وقد كان الصديقان يعملان في بيع الملح، إضافة إلى الاشتغال في مجال النقل السري للأشخاص على متن عربات مجرورة، بين الدواوير المحيطة بالأسواق الأسبوعية. يحكي أحد سكان الدوار الذي يقيم فيه الشابان، والذي شهد ارتكاب الحادثة المفجعة، أن اليوم الذي سبق الجريمة شهد نزاعا بسيطا بين الصديقين حول أحد الزبائن، ما فتئ أن تطور إلى خصام حاد بينهما، بعد تدخل إخوة أحدهما، ليتحول إلى عراك بالأيدي، هُزم خلاله الجاني، الذي أحس بالغبن نتيجة ما تعرض إليه على أيدي صديقه رفقة إخوته، فتأججت نار الثأر في داخله، ولم يغمض له جفن طيلة تلك الليلة. في اليوم الموالي، يوم الجريمة، خرج الجاني من بيته وبحوزته سكين، وقد أعمى الغضب والرغبة في الانتقام بصيرته، معتقدا أن النار التي اتقدت في داخله لن يطفئها غير القضاء على صديق جعله عرضة للسخرية أمام الآخرين، بعدما أشبعه ضربا، رفقة إخوته، وتركه ملقى على الأرض أمام أعين الشامتين... كانت عقارب الساعة تدنو من الحادية عشرة صباحا، حين فاجأت أيد غاضبة «ولد العجز» ووجهت له طعنة من الخلف صوب إحدى كليتيه، التفت ليكتشف أنها لم تكن غير الأيدي نفسها التي دهسها بقدميه بالأمس. فرّ، مستنجدا في اتجاه الدوار الذي لا تفصله عنه سوى مسافة قصيرة، لكن صرخاته المتتالية لم تُثنِ الجاني عن مواصلة اقتراف جريمته، إذ لحق به ليضيف طعنة ثانية وثالثة ورابعة في الظهر والرقبة.. طعنات كانت كفيلة بإسقاطه أرضا، بعد أن خارت قواه، قبل أن يفر الجاني إلى وجهة غير معلومة. تجمهر حول الضحية عدد من المارة، وتمت المناداة على رجال الدرك الملكي، وبعدها على سيارة الإسعاف، التي حضرت ونقلت الضحية قبل حضور رجال الدرك، غير أنه لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله إلى المستشفى، لِيُنقل إثر ذلك إلى مصلحة التشريح. لم ينتظر الجاني إلقاء القبض عليه، إذ توجه صبيحة يوم أمس، اليوم الموالي للجريمة، إلى مركز الدرك الملكي ليسلم نفسه، في انتظار إحالته على الجهات المختصة، قصد التحقيق معه في ملابسات ارتكابه هذه الجريمة الشنيعة.