أدانت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بولاية الدارالبيضاءالمتهم بالضرب والجرح المفضيين الى الموت دون نية إحداثه في حق صديق طفولته وحكمت عليه بالسجن لمدة عشر سنوات. تفاصيل القضية بدأت في حي بسيط من أحياء مدينة الدارالبيضاء، حيث نشأت علاقة حميمية بين صديقين منذ أيام الدراسة هما (ف) و(ه)، صديقين جمعتهما السنين في كفة واحدة، ولم يكن بإمكانهما أن يستمرا في هذا الوضع، فطرقا باب الرزق بعيدا عن ردهات المدارس. في البداية، اقترح (ف)الذي ينتمي الى عائلة فقيرة نازحة من الخميسات على صديقه تأجير عربة خشبية من أجل التجارة في الفواكه والخضروات، غير أن ولع (ه) للتقنيات المعلوماتية التي تدرب عليها عندما كان تلميذا في مرحلة الابتدائي، جعل طموحه يراوده من أجل الذهاب في المجال بعيدا، إذ حاول تأجيل محل صغير غير أن ظروفه الاجتماعية جعلته يرضخ للأمر الواقع ويعيد النظر في حساباته. ظروف اجتماعيه صعبة بعد توالي الأيام والشهور، اجتمع الصديقان من جديد للتأمل في الوضع الحرج. (ف) يحتاج الى المال لتدبير شؤونه ولوزامه الشخصية. (ه) ليس له مورد غير أنه سئم من مده ببعض الدريهمات كل يوم. بحث (ه) في كل مكان عن عمل يدر عليه مالا ويحتضن طموحاته وأفكاره وإبداعاته. وضع نهج سيرته لدى الكثير من مالكي محلات إصلاح الأجهزة الإلكترونية بسوق درب غلف غير أن آماله سرعان ما خابت حين وجد نفسه وحيدا غير مرغوب في خدماته. بلغت الغيرة أوجَها حين علم بأن صديقه (ف) تمكن من الحصول على دكان محترم بسوق شعبي بالدارالبيضاء، وأخبره أنه لا يستطيع تشغيله معه لأن المحل ليس في ملكيته. توالت الأيام وتوترت العلاقة بين الصديقين، وطالت شهور الجفاء بينهما الى أن بلغت ذروتها بنشوب نزاع علني بين الطرفين أمام الناس، انتهى بتدخل رجال الامن الذين استمعوا للصديقين وحاولوا إصلاح ذات البين ونجحت محاولتهم لتعود المياه الى مجاريها. الخمر والمخدرات...ثم الجريمة رغم الصلح الذي جرى بين الصديقين، بقي (ه) ينتظر فرصة للانتقام من صديقه خاصة بعدما طرد من المحل، هذا المكان الذي كان يأمل أن يكون فضاء لتفجير مواهبه وإبداعاته. حاول أن ينسى بمختلف الوسائل، احتسى جرعات من الخمر، ثم تناول بعض الحبوب المخدرة ليدخل عالم اللاوعي من بابه الواسع، واتهم فؤاد بأشياء لم يفعلها أبدا، كان همه الوحيد هو الإساءة الى سمعة صديقه في الحي. ظل التوتر قائما بين أصدقاء الأمس الى أن تدخل شباب الحي من جديد لإصلاح النزاع، غير أن المياه لم تعد إلى مجاريها بالشكل الذي كانت عليه في بداية الامر. في مساء ذلك اليوم الذي تحول الى ذكرى حزينة وقع (ف) في خطأ غير مقصود كان نهاية مساره في هذه الحياة، فبدلا من أن يبيع هاتفا محمولا من هواتف المحل باع خطأ هاتف صديقه (ه). ولم ينتبه للخطأ الذي ارتكبه حتى وقف أمام عينيه (ه). نشبت مشاجرة حامية بين الصديقين انتهت في غمضة عين بطعنة وجهها (ه) الى بطن (ف) بواسطة مبرد، كان يستعمله هذا الأخير في عمله، أمام تجمهر عدد كبير من سكان الحي الذين بادروا الى إخبار مصالح الأمن التي انتقلت الى عين المكان وألقت القبض على الجاني، فيما جرى نقل الضحية الى قسم المستعجلات بمستشفى ابن رشد بالدارالبيضاء، غير أنه فارق الحياة قبل تلقيه الإسعافات الأولية. لم أكن أنوي قتل صديقى استمعت عناصر الضابطة القضائية الى المتهم (ه) الذي صرح لرجال الأمن بأنه لم يكن ينوي قتل صديقه وأنه نادم على كل ما اقترفه من جرم، وبعد إنهاء مجريات البحث والتحقيق، والاستماع الى عدد من المصرحين في القضية تم تقديم المتهم أمام الوكيل العام الدي بعد استنطاقه وتحرير المتابعة في مواجهته أحاله على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدارالبيضاء بتهمة الضرب والجرح المفضيين الى الموت دون نية إحداثه . وبعد عدة جلسات للنظر في القضية،تم الاستماع خلالها كل من الاعترافات القضائة للمتهم ولشهادة الشهود بعد ادائهم اليمين القانونية ولمرافعات ممثل النيابة العامة ودفاع الطرفين.وبعد المداولة. قضت هيئة المحكمة بالسجن عشر سنوات في حق المتهم». الفصل 403 من القانون الجنائي: «إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل الإيذاء أو العنف قد ارتكب عمدا، ولكن دون نية القتل، ومع ذلك ترتب عنه الموت، فإن العقوبة تكون السجن من 10 الى 20 سنة. وفي حالة توفر سبق الإصرار أو الترصد أو استعمال السلاح، تكون العقوبة السجن المؤبد».