تظاهر تلاميذ الثانوية الوحيدة في جماعة «المنزل» في ضواحي صفرو، لأكثر من مرتين، خلال أسبوع واحد، لمطالبة النيابة الإقليمية للتعليم بتمكينهم من القدر الكافي من الأساتذة لتأمين موسمهم الدراسي، تجنبا ل«كارثة» رسوبهم أثناء امتحانات الباكلوريا، حيث «يعزّ المرء أو يهان». ولا تمنع مثل هذه الاحتجاجات أكاديمية جهة فاس بولمان من الإشادة بمجهودات تقوم بها من أجل تجاوز النقص في عدد المُدرِّسين في الجهة، مقارنة مع باقي جهات المغرب. وتورد الأكاديمية أنها نسبة تغطية مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي في الجهة تقترب من 98 في المائة. ويُقدَّر الخصاص في مدينة فاس لوحدها ب104 أساتذة. على أن ما يشغل بال المسؤول الأول في الأكاديمية، محمد ولد داده، هو وضع ما يقرب من 180 أستاذا في الجهة، من أصل 12722، لطلب الحصول على رخصة الحج، وإقدام حوالي 24 أستاذة لطلب رخصة ولادة. ولن تتمكن الأكاديمية من تعويض جل هؤلاء المُدرِّسين والمُدرِّسات، بسبب إنهاء الوزارة العملَ بسياسة «المُدرِّسين العرضيين» الذين كانوا عبارة عن «احتياطي» يوضع رهن إشارة النيابات التعليمية لسد الخصاص في المؤسسات التعليمية في أي لحظة. وترفض الوزارة إعادة إحياء هذه التجربة، بعدما أقدم العرضيون على الدخول في حركات احتجاجية للمطالبة بتسوية وضعيتهم الإدارية كمدرسين. ويتابع حوالي 359 ألف تلميذ دراستهم في مختلف أسلاك ومستويات التعليم في حوالي 503 مؤسسات تعليمية في جهة فاس بولمان. وفي الوقت الذي ما زال هاجس تعميم التمدرس في الجهات الأخرى للمملكة يشغل بال المسؤولين التربويين فيها، يقول مدير أكاديمية جهة فاس إن الجهة حققت إنجازا كبيرا في هذا الجانب ولا تفصلها سوى نقطة واحدة عن المعدل الوطني (95 في المائة). فقد استقبلت المدارس الابتدائية حوالي 35 ألف تلميذ جدد في بداية الموسم الدراسي الحالي. ويقدر محمد ولد داده العدد الإجمالي للأطفال الذين يوجدون خارج المدرسة، من الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 و11 سنة، ب600 طفل فقط. ويشير هذا المسؤول إلى أن برنامج «تيسير»، الذي يمنح حوالات مادية لأبناء الفقراء في العالم القروي شجعت الآباء على إرسال أبنائهم إلى المدرسة. كما أن سياسة تقريب المؤسسات التربوية من السكان في المناطق النائية أدت، بدورها، إلى تشجيع تمدرُس الأطفال. وكان المغرب قد أطلق، في الآونة الأخيرة، برنامج منح حوالات لأبناء الفقراء في القرى، في إطار مقاربة تقوم على الدعم الاجتماعي قامت اللجنة التي خططت لإصلاح التعليم، في آخر صيغة له، باستلهامه من تجارب في أمريكا اللاتينية. واستفادت حوالي 19 ألف عائلة تتحدر من 19 جماعة قروية في الجهة من هذا البرنامج. وارتفع رقم الجماعات المستفيدة إلى 27 جماعة في الموسم الدراسي الحالي. ومن جهة أخرى، لجأت الأكاديمية إلى تمديد المدة المحدَّدة للإطعام المدرسي، تجنبا لوقوع الهدر المدرسي. وكانت السلطات التربوية تحدد في السابق مدة 90 يوما كفترة قانونية للإطعام المدرسي، الذي يتوقف، غالبا، في شهر مارس من كل سنة دراسية. ومددت هذه الفترة إلى 180 يوما في السنة، ما يمكن التلاميذ من الاستفادة من وجبات الأكل طيلة الموسم الدراسي. كما تم تمديد فترة الإطعام في الداخليات من 120 يوما إلى 240 يوما. ويبقى مشكل التنقل في القرى في الجهة من أكبر المشاكل التي ما تزال عالقة. ويواجه التلاميذ محنة حقيقية بسبب هذا المشكل، ما يضطرهم إلى الغياب. وقد قامت الأكاديمية، في السنة الماضية، بتوزيع حوالي 200 دراجة هوائية على عدد من هؤلاء الأطفال. وبلغ عدد الدراجات الموزَّعة خلال الموسم الحالي 800 دراجة هوائية. وتتدخل جهات أخرى غير حكومية، بين الفينة والأخرى، للمساهمة في توزيع الدراجات لفائدة أطفال يضطرون لقطع مسافات تصل في بعض الأحيان إلى 15 كيلومترا للوصول إلى مؤسساتهم التعليمية الإعدادية والثانوية. لكن الدراسة في مؤسسات التعليم في الجهة لا تتم دائما في ظروف مناسبة. ويعتبر الاكتظاظ من أبرز المشاكل المطروحة في جهة فاس والتي تحتضن حوالي 10 آلاف حجرة دراسية. ويبلغ عدد الأقسام المكتظة والتي تستقبل أكثر من 41 تلميذا، 1400 قسم، أي نسبة 13 في المائة من مجموع الأقسام. ويعتبر مدير أكاديمية الجهة أن هذه النسبة ضعيفة مقارنة مع جهات أخرى، ومنها جهة الدارالبيضاء، التي تبلغ نسبة الاكتظاظ فيها حوالي 64 في المائة من مجموع الأقسام. وتتمركز جل الأقسام المكتظة في مدينة فاس. وتسود الظاهرة في بعض الأحياء السكنية ذات النسبة السكانية الكبيرة.