أثارت نتائج الدورة العادية لامتحانات البكالوريا بالمغرب (دورة يونيو 2004) ردود فعل على هزالة نسبة النجاح المسجلة فيها، بحيث لم تتجاوز نسبة الناجحين حسب وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي 33,62 % (70689 تلميذا وتلميذة)، ما يقارب 35 % منهم (66551) في التعليم العمومي، وتوسعت بذلك قاعدة المدعوين للدورة الاستدراكية، التي ستنطلق في الخامس من الشهر المقبل إلى 41 % من مجموع المترشحين (85447 تلميذا). وقد تباينت التقديرات حول أسباب هذه النتيجة، والتي تبقى غير نهائية إلى الإعلان عن النتائج الإجمالية بعد إجراء امتحانات الدورة الاستدراكية، فقد اعتبر أحد رجال التعليم في أكاديمية الغرب شراردة بني احسن أن ضعف نسبة النجاح مرده إلى عدم تأقلم التلاميذ مع التغييرات التي طالت العملية التعليمية وطريقة إجراء الامتحانات لعدة مرات، مشيرا إلى أن بعض المواد التي امتحن فيها التلاميذ كانت صعبة وطويلة شيئا ما، كما وقع في مادة الفيزياء والكيمياء، والتي شابت أوراق امتحانها بعض الأخطاء في الطباعة. وإذا كان الخطأ الأول طفيفا ليست له عواقب سيئة على المعدل النهائي للمادة، فإن النوع الثاني من الأخطاء المرتبطة بالمضمون العلمي يطرح إشكالا يتدخل معهم القائمون على مهمة المراقبة والتفتيش التربوي لتصحيحه، وهو ما أكده أوس رمال (مفتش ممتاز في التعليم الثانوي) موضحا أن في حالة وقوع خطإ مرتبط بالمضمون العلمي وهي حالات نادرة فإنه يُراجع سلم التنقيط، وقد تصل الأمور إلى حد عدم احتساب التمرين موضوع الخطأ. سبب آخر اعتبره أوس رمال عاملا أساسيا وموضوعيا يفسر هزالة نسبة النجاح في الدورة العادية لامتحانات البكالوريا، ألا وهو أن نسبة كبيرة من التلاميذ لم يحصلوا على معدلات جيدة في الامتحان الجهوي، والذي تهم المواد الثانوية في شعبتهم لدى اجتيازهم السنة الأولى من سنوات الباكلوريا، ويحتسب معدله ضمن مكونات المعدل العام (المعدل العام = الامتحان الوطني + الامتحان الجهوي + نقطة المراقبة المستمرة)، وأرجع أوس هذا الوضع نفسه إلى أنه عندما تقرر اعتماد هذا النموذج من الامتحان لم ترافقه داخل المؤسسات التعليمية وفي وسائل الإعلام المختلفة حملة تحسيس قوية لدى التلاميذ وآبائهم لبيان أهمية الامتحان الجهوي، وهو ما جعلهم أي التلاميذ يقللون من هذه الأهمية، معتبرين إياه عاملا غير حاسم في رسوبهم أو نجاحهم في السنة الأولى من الباكلوريا، وركزوا بالمقابل على الامتحان الوطني. وأشار المسؤول التربوي إلى جانب آخر ساهم بدوره بقسط معين في النتائج المحصل عليها، ألا وهو فئة الأحرار الذين بلغ نسبتهم 52 % من عدد المترشحين في امتحانات الدورة العادية للباكلوريا، ولم يتجاوز عدد الناجحين منهم 12 %، وتجدر الإشارة إلى المترشحين الأحرار اجتازوا الامتحان الوطني رفقة تلاميذ السنة الثالثة من الباكلوريا، ثم خضعوا بعدها مباشرة ليومين من الامتحان الجهوي رفقة تلاميذ السنة الأولى حتى يحتسب نقط الامتحانين في منح المعدل العام النهائي. وفي موضوع علاقة آفة الغش ونتائج الباكلوريا، اعتبر مفتش التعليم الثانوي سالف الذكر أن ما سجل هذه السنة الدراسية ولو بتفاوت من أكاديمية إلى أخرى من جدية وحزم في المراقبة التربوية أثناء إجراء الامتحان (يعين 2 إلى 3 مراقب في كل قاعة، وتبدأ مهمتهم من فتح الأظرفة إلى جمع أوراق التحرير وختم الأظرفة، وهي العملية التي يساهم فيها رجال ونساء التعليم ومفتشون ملاحظون ينوبون عن النواب الإقليميين للوزارة والأكاديميات الجهوية). وذلك ما ساهم في تضييق المجال على التلاميذ الذين ألفوا الاعتماد على أسلوب الغش، وأعطى صورة قريبة من الواقع عن المستوى الحقيقي لنتائج مجموع التلاميذ، وأوضح أن هذا الحزم تجلى في عدد التقارير والمحاضر التي سجلت لحالات الغش، سيما يضيف رمال وأن المذكرات والتوجيهات التي أصدرت هذه السنة حول ظاهرة الغش ساهمت في تكوين رأي عام موحد بأنها ظاهرة سيئة لا تتيح معرفة الصورة الحقيقية لنتائج الامتحانات، وتنخر في العمق المنظومة التعليمية وتطعن في مصداقية الشهادات الدراسية. تجدر الإشارة إلى ما تضمنه بلاغ وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي حول نتائج الدورة العادية لامتحانات البكالوريا من أن ثمة مكونين متكاملين في عملية احتساب نتائجها النهائية على الصعيد الوطني: أولا إحصاء لإعداد ونسب المتفوقين في الدورة العادية، ويشكل هذا الخير جزءا من النتائج الإجمالية التي لا تكتمل إلا بعد الإعلان عن نتائج الدورة الاستدراكية، وثانيا إحصاء لأعداد ونسب المدعوين لاجتياز الدورة الاستدراكية، والتي تعتبر دورة ثانية لفئة مهمة من المترشحين، وينتظر أن يلتحق منهم عدد آخر من المتفوقين في امتحانات البكالوريا للموسم الدراسي 2003 .2004 محمد بنكاسم