عاشت مكناس مساء الاثنين الماضي «مواجهات» دامية بين رجال أمن وبين شبان قدموا على أنهم من مستهلكي المخدرات بأحد الأحياء الشعبية بالمدينة. واضطر رجال الأمن إلى استعمال أسلحتهم النارية لإخماد فتيل هجوم كاسح عليهم من قبل هؤلاء الشبان، الذين لجؤوا إلى رشقهم بالحجارة والتلويح بالأسلحة البيضاء لمنع اقتراب عناصر الأمن من أشخاص كانوا يبحثون عنهم على خلفية اتهامهم بالاتجار في المخدرات. ودارت جل هذه المواجهات في قنطرة «السكة» بحي «عين الشبيك»، وهو الفضاء الذي يتخذه بعض المتهمين بترويج المخدرات قلعة لهم لترويج هذه المادة و بيعها لزبنائهم الذين يقصدونهم من مختلف أحياء المدينة. وأعادت هذه المشاهد ما سبق أن عاشه الحي من مواجهات في بداية سنة 2004، لكن هذه المرة بين رجال الأمن وبين أعضاء ينتمون إلى ما يعرف بالسلفية الجهادية. وهي المواجهات التي استعملت فيها الكلاب البوليسية والمسدسات والطائرات المروحية، وأسفرت عن اعتقال حوالي 35 عنصرا من التيار السلفي التكفيري، ضمنهم محسن بوعرفة وتوفيق الحنويشي، وكذا مقتل شرطي وإصابة عميد شرطة وضابط ودركي. وكانت عناصر من صقور ولاية أمن مكناس قد حاولت مساء الاثنين الماضي الدخول إلى حي «عين الشبيك» لاعتقال بعض المبحوث عنهم في ملفات لترويج المخدرات، لكن هذه العناصر فوجئت ب«مقاومتها» من قبل شبان من الحي قدموا على أنهم من مدمني استهلاك المخدرات ومن «المتعاطفين» مع مروجيها. وأمام هذه «المقاومة» قامت ولاية الأمن بإيفاد تعزيزات لتطويق هذا «الانفلات»، قبل أن تجبر العناصر الأمنية على إطلاق النار في الهواء لدفع المهاجمين على التراجع. وتمكنت السلطات الأمنية بعد جهد كبير من السيطرة على الوضع، وشن حملة اعتقالات في صفوف المتهمين. ويعتبر هذا الحي العشوائي من أبرز المناطق، التي تصنف أمنيا ضمن «النقط السوداء» في العاصمة الإسماعيلية، وتنتشر فيه جميع أنواع المخدرات، ومعها جميع أنواع مظاهر الانحراف والتطرف. كما أنه يعد ملاذا آمنا لعدد من أصحاب السوابق والمبحوث عنهم في ملفات ترويج المخدرات والسرقات والاعتداءات. ويصعب على رجال الأمن الوصول إلى أزقته في غياب تعزيزات كبيرة بسبب التخوف من ردود فعل عدائية من قبل بعض الجانحين الذين يختبئون فيه. ولم يكن الحي، بالرغم من هذا الوضع، مسرحا لأي تدخل من السلطات لإعادة تأهيله وتمكين شبانه من الاندماج في محيطهم الاجتماعي.