ارتفاع ضغط الدم مرض يرهق كاهل الكثيرين في العالم، وتكمُن خطورة هذا المرض في عدم السيطرة على مستويات ارتفاعه. وعلى أقل تقدير، فإن نصف ال80 مليونا من الأمريكيين المصابين بارتفاع ضغط الدم لا يسيطرون على مستوياته، وأحيانا، يكون العجز عن التحكم فيه (المرض) بسبب الإهمال. كما أن هناك عددا متزايدا من الأشخاص الذين لديهم «ارتفاع ضغط الدم المقاوم (resistant hypertension) وهي حالة يظل فيها ضغط الدم عنيدا وعصيا على السيطرة، في مستويات تفوق المستويات المطلوبة، بالرغم من تغيير هؤلاء الأشخاص نمطَ حياتهم أو نوع الأدوية. إن ارتفاع ضغط الدم «العنيد» مشكلة حقيقية، فهو العامل الرئيس في حدوث السكتة الدماغية وعجز القلب، والحالات المرضية الأخرى في القلب والأوعية الدموية. تعريف الحالة وبمعنى دقيق، فإنك تكون من أصحاب ارتفاع ضغط الدم المقاوم إنْ ظل ضغط الدم لديك عاليا حتى مع تناولك ثلاثة أو أكثر من الأدوية المُخفِّضة للضغط، أو أنك تتناول أربعة أدوية أو أكثر للوصول إلى أهدافك، أي تحقيق المستويات المطلوبة لضغط الدم. ووجود ارتفاع ضغط الدم المقاوم لا يعني أن ضغط الدم يكون دائما أعلى من نطاق مستوياته الصحية، وبدلا من ذلك، فإنه يعني أنك بحاجة إلى العثور على مساعدة إضافية للتعرف على نقط الضغط. الإستراتيجيات الأولى ينطلق ترويض ارتفاع ضغط الدم المقاوم من نفس الخطوات المستخدمة للتحكم بمختلف أنواع ضغط الدم: الخطوة الأولى هي فهم نمط هذه الحالة، ويمكن التوصل إلى ذلك بارتداء جهاز لقياس الضغط، حجمه بحجم ورقة للكتابة، لمدة 24 ساعة أو شراء جهاز منزلي لقياس ضغط الدم ورصد قياساته عدة مرات في اليوم. 2. الخطوة الثانية هي التأكد من تنفيذ الأمور الأساسية، وهي: - أنك تتناول الأدوية المطلوبة، بالجرعات المطلوبة وفي الأوقات المطلوبة. - أنك لا تتناول أدوية قد تزيد من ضغط الدم (انظر الإطار). -أنك بصدد تغيير نمط حياتك كي تقلل، أكثر من أن تزيد، من ضغط الدم. ويقول الدكتور راندال إم. زاسمان، مدير برنامج ارتفاع ضغط الدم في مستشفى ماساشوستس العامة المرتبطة بهارفارد: «إن الاهتمام بهذه الخطوات الثلاث هو كل ما يطلبه الخبراء من الكثير من المصابين بارتفاع ضغط الدم المقاوم، بهدف استعادة السيطرة» على ضغط الدم. إرشادات محددة واليك بعض الإرشادات المحددة: -واظب على تناول أدويتك وحاول الالتزام بالوصفات التي وصفها لك الطبيب، وعندما لا تتناول جرعات الدواء، سواء لأنك نسيت أو لأن الدواء غالي الثمن أو لشعورك السيئ بعد تناوله، تحدث مع الطبيب حول بدائله. -اضبط أدويتك جيدا، إذ ينبغي على كل شخص من المعانين من ارتفاع ضغط الدم المقاوم، تقريبا، أن يتناول صنف أدوية مدرات البول (thiazide diuretic) (الحبة المائية)، مثل «chlorthalidone»، أو «hydrochlorothiazide». وتشمل الأدوية الأخرى التي يمكن إضافتها إلى مدرات البول «حاصرات بيتا» «beta blockers» وحاصرات قنوات الكالسيوم (calcium-channel blockers) ومثبطات إنزيم تحويل مركب الأنجيوتنسن (ACE inhibitors) وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسن (angiotensin- receptor blockers)، وحاصرات ألفا (alpha blockers) ومدرات التقليل من الصوديوم (potassium- sparing diuretics) ومضادات الألدوستيرون (aldosterone antagonists) وحاصرات الرينين (renin blockers). ويستجيب بعض الناس، بشكل أفضل، لبعض أنواع الأدوية دون غيرها، كما قد يفيد المريض تغيير وقت تناول الدواء، إذ يحصل بعض المصابين على دواء يومي الجرعة، بينما يحتاج آخرون إلى حبوب ينفُد مفعولها بعد مدة يسيرة، لذا يتم تناولها مرتين أو ثلاث مرات في اليوم. -تجنب هذه الأشياء: العقاقير غير الأسترويدية المضادة للالتهاب، مثل «آيبوبروفين» و»نابروكسين» والعقاقير الأخرى التي تباع من دون وصفة طبية أو بوصفات طبية بمقدورها زيادة ضغط الدم. -الإقلاع عن عادة تناول الملح. فبالنسبة إلى كثير من الناس، فإن الصوديوم يساهم في زيادة ارتفاع ضغط الدم، ولذا حاول تجنب الأغذية الغنية بالصوديوم وانتبه إلى تركيز الصوديوم في الكثير من الأغذية المعالَجة صناعيا. -حاول اتباع حمية «(Dietary Approaches To Stop Hypertension) DASH الغذائية، التي ثبتت نتائجها في تجارب سريرية، خصوصا نسختها قليلة الصوديوم، التي يمكنها خفض ضغط الدم ب10 نقط أو أكثر. -ابتعد عن الكحول التي تزيد من ضغط الدم. -راقب وزنك وكن نشيطا، فالتمارين الرياضية وفقدان الوزن وسيلتان عظيمتان لتقليل ضغط الدم. -قلل التوتر، فإنْ كان بمقدور التوتر الذهني والعاطفي زيادة ضغط الدم فإن التأمل والتنفس العميق والنشاطات الأخرى المخففة للتوتر بمقدورها خفضه. -توقف عن التدخين، ورغم أن ذلك لن يؤدي سوى إلى فرق طفيف في ضغط الدم، فإنه سيحسن صحتك العامة. أسباب خفية ينشأ ارتفاع ضغط الدم، عادة، بسبب تصلب الشرايين وازدياد صلابتها، إلا أنه يمكن، أيضا، أن يكون إشارة إلى مشكلة أخرى في الجسم، وإن كنت مصابا بارتفاع ضغط الدم المقاوم، فإن من الأفضل إجراء فحوصات لما يطلق عليه الأطباء اسم «الأسباب الثانوية». مصدر ارتفاع ضغط الدم، الذي يشيع إهماله، هو الشخير المؤدي إلى انقطاع التنفس أثناء النوم، والذي يعرف بحالة انقطاع التنفس الانسدادي (obstructive sleep apnea) وعلاج هذه الحالة بمقدوره تحسين ضغط الدم. ولدى بعض الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم المقاوم فرط نشاط الغدد الكظرية، وغالبا ما يمكن علاجهم بالأدوية، مثل «spironolactone» أو «eplerenone»، رغم الحاجة إلى إجراء جراحة، في بعض الأحيان، لإزالة الغدد المتأثرة. كما أن تراكم الترسبات المؤدية إلى انسداد الأوعية الدموية المغذية للكليتين، وهي الحالة التي تسمى «ضيق الشرايين الكلوية» (renal artery stenosis)، هو أحد الأسباب الخفية التي تساهم في حدوث ارتفاع ضغط الدم المقاوم. وغالبا ما تحسن فتح الشرايين المسدودة بعمليات إزالة ضيق الشرايين بالبالون ضغط الدم، ولكن مسألة ما إذا كانت هذه الطريقة أفضل من الأدوية، ما تزال تنتظر الإجابة من واحدة من التجارب السريرية الكبرى. وتشمل الأسباب الأخرى لارتفاع ضغط الدم المقاوم حدوث ورم في الغدة الكظرية (pheochromocytoma) ومتلازمة كاشينغ (Cushing»s syndrome)، وهي حالة فرط إفراز الكورتيزول، وهو هرمون التوتر وفرط نشاط الغدة الدرقية.