علمت «المساء» أن وزارة العدل تعكف على إعداد مذكرة سيتم توجيهها، في الأيام القليلة المقبلة، للوكلاء العامين للملك في محاكم المملكة، من أجل متابعة المحامين المُتّهَمين باستغلال ودائع الزبناء. وكشف مصدر أن نقاشا حادا ساد بين أطر الوزارة بين الداعين منهم إلى متابعة المحامين المتهمين بجريمة الاحتفاظ بودائع موكليهم في حالة اعتقال وبين الداعين إلى متابعتهم في حالة سراح، ليتم الاتفاق على الرأي الأخير. وأضاف المصدر ذاته أن الوزارة الوصية، وعلى الرغم من مرور سنتين على إقرار القانون الجديد لمهنة المحاماة، فإنها ما زالت تتوصل بشكاوى ضد محامين ما زالوا يحتفظون بودائع موكليهم، ضدا على ما تنص عليه المادة 57 من قانون المحاماة. وسعت الوزارة من خلال هذا الإجراء، الذي يدخل في صميم الخطاب الملكي، الداعي إلى إصلاح القضاء، إلى تخليق الحياة العامة وحماية حقوق المواطنين. وكشف المصدر ذاته أن هذا القانون الجديد لمهنة المحاماة، الذي دخل حيِّزَ التنفيذ سنة 2008، استطاع الحد من «جريمة الاحتفاظ»، لكن بعض المحامين ظلوا يحتفظون بتلك المبالغ منذ سنة 2008، ذلك أن القانون الجديد قطع مع المرحلة السابقة التي كان فيها المحامي يتسلم الودائع، حيث خول للمفوضين القضائيين وشركات التأمين وضع المبالغ مباشرة في مكتب التنفيذات في المحكمة، وبعدها يتم تحويل هذه المبالغ إلى صندوق الودائع المفتوح في حساب بنكي باسم نقابة المحامين ويقع تدبيره تحت إشراف نقيب هيأة المحامين ويتم خصم أتعاب المحامي وتسليم المبالغ المتبقية للزبناء. وأشار المصدر نفسه إلى أن النص القديم كان يصنف استغلال ودائع الزبناء من طرف المحامين ضمن «جريمة الاحتفاظ»، فيما النيابة العامة في محاكم المملكة تقوم، بعد التكييف، بمتابعة المحامين المرتكبين لتلك الجنح بتهمة «النصب والاحتيال وخيانة الأمانة»، وهو ما حصل في قضية المحامي يابو في الرباط، الذي توبع من طرف ورثة عقار بدعوى احتفاظه بمبلغ التعويض كاملا، وكذا في ملف المحامين في هيأة خريبكة، المتابَعين في ملف حوادث السير. وكانت المادة 57 من قانون المحاماة، الخاصة بتدبير «ودائع الزبناء»، قد خلقت انقساما في صفوف هيآت المحامين في المغرب، ووقع الخلاف بين هذه الهيآت بين مُطالب بفتح صندوق داخل الهيأة وبين مطالب بفتح حسابات بنكية تودع فيها هذه الودائع. ووقع الخلاف كذلك في ما يتعلق بتفسير المادة 57 من الظهير الصادر يوم 20 أكتوبر 2008، وهي المادة القاضية بإنشاء «حساب ودائع وأداءات المحامين يديره مجلس الهيأة وتودع فيه لزوما المبالغ المسلَّمة للمحامين المسجَّلين في جدول هذه الهيأة على سبيل الوديعة، وتتم بواسطته كل الأداءات المهنية التي يقوم بها المحامي لفائدة موكليه أو الغير». وتضيف نفس المادة أنه «تودع في هذا الحساب كل المبالغ الناتجة عن تنفيذ مقرر قضائي من لدن مصالح التنفيذ والمفوضين القضائيين. ويتعين على كل الإدارات العمومية وشبه العمومية والمؤسسات والشركات إيداع المبالغ العائدة لموكلي المحامين في حساب الودائع والأداءات التابع لهيأتهم. وكل أداء تم خلافا لهذه المقتضيات لا تكون له أي قوة إبرائية في مواجهة الموكل أو المحامي ويتحمل مرتكب المخالفة، عند الاقتضاء، مسؤولية أداء المبالغ العائدة للموكل أو مصاريف وأتعاب المحامي».