في ما يشبه عملية شد الجلد من أجل إخفاء التجاعيد التي تغزو الوجه بفعل التقدم في العمر، يحاول حزب الاستقلال، المعروف بقربه من الحكم والأعيان في المغرب، تجديد نخبه باستهداف النخب الاقتصادية الجديدة ورجال الأعمال، بعد أن أدرك أن المعركة الاقتصادية ستكون شرسة في القادم من السنوات، مما يستدعي محاصرة فاعلين سياسيين جدد يحاولون السيطرة على المجال الاقتصادي في المغرب. يحاول حزب الاستقلال، الذي يرأس الحكومة المغربية، تدارك التأخر الذي راكمه على مدى عقود في نسج علاقات وطيدة مع رجال الأعمال والأطر الاقتصادية الكبرى، وهذا ما دفعه يوم الثلاثاء الماضي إلى تأسيس «رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين» والتي حددت كهدف لها تنظيم الأطر الاقتصادية والمالية العليا ورجال الأعمال. وضع عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، للرابطة مجموعة من الأهداف، حددها في إعداد المقررات الاقتصادية للمؤتمر المزمع تنظيمه في أكتوبر المقبل، والمساهمة في النقاشات التي يشهدها المغرب حول تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإبداء الرأي في الإشكالات التي تطرحها الظرفية الوطنية والدولية. وحض الفاسي الأطر الاقتصادية والمالية المغربية على الانضمام إلى الرابطة للمساهمة في تنشيط الحزب، الذي يتطلع إلى تجديد نخبه، خاصة أن نظام الحزب ينص على ضرورة تجديد 50 في المائة من أعضاء المجلس الوطني في كل مؤتمر. رئاسة «رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين» أسندت إلى عادل الدويري، وزير السياحة والصناعة التقليدية الأسبق، الذي صرح ل«المساء» بأن «المعركة اليوم أصبحت اقتصادية أساسا»، وهو ما يقتضي توجه الأحزاب نحو الأطر الاقتصادية والمالية العليا ورجال الأعمال، الذين صعب استقطابهم في السابق، خاصة أن الحزب، كما يوضح ذلك الاقتصادي المغربي إدريس بنعلي، اختار عبر تاريخه القرب من الحكم ولم يول اهتماما كبيرا لاختراق المنظمات الاقتصادية، بل إن حضوره في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، كان عبر أشخاص لهم علاقات مع الحزب. وسيحاول هذا الأخير استقطاب رجال الأعمال الاستقلاليين إلى الرابطة. وفي قراءته الأولية لدواعي تأسيس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، يرى إدريس بنعلي أن وزراء حزب الاستقلال، خاصة الشباب منهم، وفي مقدمتهم عادل الدويري، تولوا شؤون وزارات تقنية، وحققوا نجاحات وراكموا تجربة في التواصل، يحاول الحزب الاستفادة منها اليوم، بحيث يمكن للحزب أن يستفيد منها ويستقطب الأطر الاقتصادية العليا ورجال الأعمال، خاصة في ظل الاكتساح القادم للفضاء الاقتصادي من قبل رئيس الحركة لكل الديمقراطيين، فؤاد عالي الهمة، الذي أرسل رسالة قوية عبر الاستقبال الذي خصه به الاتحاد العام لمقاولات المغرب في آخر لقاء جمعه به. ثم إن حزب الاستقلال يحاول من خلال استقطاب أطر عليا اقتصادية ورجال الأعمال الظهور بمظهر الحزب العصري والانعتاق من الصفة التي لازمته كحزب تقليدي ومحافظ. الدويري أكد أن برنامج الرابطة يروم مواكبة ما التزم به الحزب خلال الانتخابات والخوض في أوراش الضريبة وتكييفها مع حجم المقاولات ووضعية الأشخاص وتناول المديونية في علاقتها بالاستثمار، لكن ألا يسعى الحزب عبر جلب الأطر الاقتصادية العليا إلى ضمان الحضور في العديد من المواقع الاقتصادية الحساسة في البلاد؟ هذا طموح مشروع في رأي بنعلي، خاصة أن الحزب استطاع في العديد من القطاعات التي تولى مسؤوليتها نهج سياسة قرب مكنت من توسيع قاعدته.