يشبه الاتحاد الاشتراكي اليوم لاعبا لكرة القدم كان نجما بارزا في الميادين ثم اعتزل اللعب قبل 10 سنوات، واليوم يدعى ليرجع إلى الميدان محاولا استعادة أمجاده... 10 سنوات هي عمر وجود الحزب في الحكومة، النجم الاتحادي متحمس للعودة إلى الملعب، وهناك من يقف بين المتفرجين يشجعه على ذلك، وهناك من يحاول إقناعه بالعدول عن العودة إلى اللعب، وهناك من ينصحه بالعودة لكن بمستوى أقل وبقوة أضعف، لأن ظروف اللعب تغيرت. لكن أحدا لم يسأل النجم عن قدراته البدنية، وهل تسمح له باستعادة كل مهاراته أم لا؟ وهل مازال في جسمه بقية قوة وموهبة ومرونة، أم إن 10 سنوات من الاعتزال غيرت في خلايا جسمه الشيء الكثير، وعودته إلى سابق عهده -إذا كانت ممكنة- فهي تحتاج إلى تمارين رياضية عدة، وربما إلى عمليات جراحية قاسية... ماذا ستصنع القيادة الجديدة بالحزب؟ هل ستقود عملية جراحية وسطه لاجتثاث أمراضه المزمنة التي أقعدته في الفراش، وهمشت دوره في المشهد السياسي، وحولته إلى رافعة لحمل النخب الحزبية إلى مواقع الوزارة، وإلى آلة بيروقراطية يتحكم فيها الأشخاص وليس المشاريع والأفكار؟ هل ستجري القيادة الجديدة نقدا ذاتيا على قاعدة مشروع لإعادة تجديد الحزب، ووضع قطاره على سكة النضال من أجل مغرب ديمقراطي، أم إنها ستكتفي بحقنه بالمنشطات المستوردة من حقول حزبية أخرى.. منشطات تقوم على الاستعانة بالأعيان في الانتخابات، والتقرب من الدولة للوصول إلى الحكومة، والباقي تتكفل به عمليات تجميل تزيل آثار الشيخوخة عن وجه الحزب، وتخفي التجاعيد التي اكتسحت جسمه... هذا هو السؤال المغيب في أوراق ترشيح القادة الثلاثة: الراضي، ولعلو والمالكي لمنصب الكاتب الأول للحزب... البلاد تعيش أزمة سياسية عميقة بعد وفاة جنين الانتقال الديمقراطي في رحم النظام، أو توقف نموه على أكبر تقدير متفائل بمستقبل هذا الحمل الديمقراطي غير المكتمل، والذي ساهم فيه الاتحاديون بالنصيب الأكبر، بعد قبولهم الدخول إلى غرفة الحكومة للمساهمة في تلقيح اصطناعي لرحم المخزن، عل الله يخرج من صلبه مولودا ديمقراطيا لا يشبه أمه. هذا التلقيح فشل اليوم أو وقف في نصف الطريق. نظام محمد السادس لم يخرج كليا من السلطوية، ولم يبدأ الدخول في الديمقراطية. وأول ضحايا هذا الفشل الديمقراطي كان هو الاتحاد الاشتراكي، الذي حمله المواطنون مسؤولية خيانة مشروعه الذي كان قائما تاريخيا على محاربة المخزن، وإجباره على الديمقراطية القائمة على أساس اقتسام السلطة، وإعادة تنظيم حركة الثروة على أساس اقتصاد الإنتاج وليس اقتصاد الريع. هل تستطيع القيادة الجديدة امتلاك ما يكفي من الشجاعة ومن الجرأة لمصارحة الملكية بحقيقة أن جنين الانتقال الديمقراطي وقف نموه، وأنه مهدد بالوفاة في الرحم، وأن الأمر يستدعي تعاقدا جديدا مكتوبا هذه المرة على أوراق الدستور، وليس شفويا في رحاب البلاط؟ هل يمتلك القائد المقبل مشروعا مكتملا للعودة بالحزب إلى ساحة المعركة السياسية، إذا رفضت الملكية القبول بهذا التعاقد السياسي الجديد؟ وهل تتحمل هذه القيادة تكلفة عبور الصحراء من جديد في سبيل النهوض بدور تاريخي يتمثل في حمل رسالة الديمقراطية، أم أن القيادة الجديدة ستلتف على هذه الحقيقة، وستعتبر أن الحمل الديمقراطي لم يمت ولم يتوقف نموه، وأنه مجرد جنين «راكد» ستُبعث فيه الحياة يوما ما بإذن القصر، وأن الصبر مفتاح الفرج...