اهتزت مؤسسة القرض الفلاحي على وقع فضيحة مالية مدوية بالقنيطرة، بعدما قامت مصالح الأمن التابعة للأمن الولائي في نفس المدينة، الثلاثاء الماضي، باعتقال مدير وكالة بنكية تابعة للمؤسسة ذاتها، للاشتباه في تورطه في تبديد أموال عمومية فاقت 7 ملايير سنتيم من وكالته، فيما لا يزال البحث متواصلا للكشف عن باقي المتهمين في هذه القضية. واستنادا إلى معلومات حصلت عليها «المساء»، فإن فرقة أمنية خاصة اعتقلت المتهم «م.س»، بعد الشكاية التي حررت من طرف الإدارة المركزية للقرض الفلاحي بالرباط، عقب اكتشافها وجود اختلالات مالية فظيعة في حسابات وكالتها بمنطقة «الساكنية» بالقنيطرة، حيث يجري التحقيق مع الظنين من قبل محققين تابعين للفرقة الاقتصادية والمالية بأمن الرباط بشأن تقديم قروض بدون ضمانات. وأوضحت المصادر أن التحقيقات الأمنية منصبة بالأساس حول طريقة استفادة العشرات من الزبناء من قروض بنكية من الوكالة المذكورة بدون تقديمهم لأي ضمانات أو وثائق تثبت قدرتهم على تسديدها، ودون الإشارة إلى طريقة استخلاص هذه الوكالة لها، وهو ما جعل هذه الأخيرة تعرف طيلة السنين الأخيرة ثغرات مالية وصفت بالخطيرة، لم تتحرك لأجلها أي لجنة تفتيش. وحددت المصادر ذاتها عدد الذين استفادوا من القروض بهذه الكيفية في 71 شخصا، بعضهم لوحظت عليه علامات الثراء الفاحش، تحول معها في ظرف وجيز إلى مالك للعقارات والسيارات. وحسب المعطيات المتوفرة، فإن الأبحاث الأمنية جارية لتحديد لائحة بأسماء كل الزبناء الذين استدانوا مبالغ مالية وفق هذه التسهيلات غير المسبوقة، وإيقافهم قصد إخضاعهم للتحقيق، لاسيما بعدما حامت الشكوك حول تورط العديد منهم في عمليات اختلاس مماثلة. إلى ذلك، أشارت التحريات الأولية التي باشرتها عناصر الأمن إلى تورط العديد من السماسرة في هذه الفضيحة المالية، حيث كشفت مصادر «المساء» وجود أشخاص كانوا يتوسطون لطالبي القروض لدى الوكالة المذكورة من أجل الحصول على الديون بدون أي ضمانات مقابل حصولهم على عمولة مالية عن كل عملية، وأضافت المصادر نفسها، أنه تم تجنيد فرقة أمنية لاعتقال جميع المشتبه فيهم ومباشرة إجراءات الحجز على أموالهم وممتلكاتهم إلى حين الانتهاء من التحقيق. وفي ارتباط بنفس الموضوع، طالبت العديد من الجهات أحمد الميداوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، بإيفاد لجنة افتحاص مالي إلى بعض وكالات مؤسسة القرض الفلاحي بالقنيطرة للتحقق من سلامة حساباتها المالية، لاسيما في ظل الحديث عن وجود اختلالات في العديد منها، مبدية في نفس الوقت استغرابها الشديد من الطريقة التي تدبر بها الأموال العمومية بهذه المؤسسة، وعدم تفعيل آليات مراقبتها، بدليل النزيف المالي الخطير الذي عرفته الوكالة المذكورة، والذي لم يتم اكتشافه إلا بعد تبديد 7 ملايير و200 مليون سنتيم.