بدت قضية المطالبة بتشكيل لجنة للتقصي التي طالب بها زكي السملالي الكاتب العام للرجاء البيضاوي أشبه بكرة الثلج، التي كلما تدحرجت إلا وكبرت. كانت القضية في البداية تبدو عادية، إلا أن الاتجاه الذي أخذته حولها إلى قضية ساخنة، سيما بعد أن أشهر غلام لاءات الرفض معلنا أنه لن يشكل لجنة للتقصي وأن من الأفضل حل المشكل حبيا بين السملالي وبلعوباد. غير أن ما بدا لافتا للانتباه هو التحول الغريب الذي طرأ على موقف غلام، ففي البداية رفض تشكيل لجنة للتقصي، لكنه سرعان ما غير قناعاته كليا بعد أن انفردت «المساء» بنشر تقرير الكاتب العام الذي أورد فيه سبب مطالبته بتشكيل اللجنة وما اعتبره حقائقا توصل إليها من خلال استماعه لمجموعة من الأطراف. لذلك سيكون مهما أن نعيد ترتيب حلقات ما وقع، فبحسب التقرير الذي نشرناه السبت الماضي، فإن السملالي يتهم رئيس اللجنة الطبية بزرع البلبلة داخل الفريق، واستند في ذلك على وقائع محددة بدأت معالمها تتضح في مباراة الديربي التي جمعت الرجاء بالوداد بالرباط، إثر الخلاف الذي نشب بين الرمش وجريندو من جهة ورئيس اللجنة الطبية من جهة أخرى. وأشار أيضا إلى تصريح المدرب الفرنسي جان إيف شاي لدى مغادرته للرجاء نهاية الموسم الماضي، عندما أكد أنه كان بإمكان الفريق تحقيق نتائج أفضل والفوز بلقب البطولة لولا تصرفات رئيس اللجنة الطبية، قبل أن يعزز تقريره بالتوقيف الذي طال بلعوباد كمنخرط لما كان عبد الحميد الصويري رئيسا للرجاء، وصراعه الساخن مع العرصي الطبيب السابق للفريق. ما خلص إليه السملالي ليس قرآنا منزلا من السماء، وكان بالمقدور استجلاء الحقيقة لو أن غلام استجاب لمطلب تشكيل اللجنة، وحينها كان الجميع سينتظر خلاصات عمل اللجنة، وهل ما قاله السملالي صحيح أم لا؟ إلا أن الحيرة ستتضاعف أكثر، لأن غلام الذي من المفروض فيه أن يكون أمينا على صرح اسمه الرجاء، حاول لي عنق الحقيقة، وإعطاء الموضوع أبعادا ليست هي الموجودة على أرض الواقع، بشكل جعل كثيرين يتساءلون ما الذي يقع داخل الرجاء؟ ففي الوقت الذي أدخل فيه مطلب السملالي بتشكيل لجنة للتقصي إلى أدراج النسيان، فإنه قرر بشكل انفرادي ودون عقد أي اجتماع للمكتب المسير أن يستمع للاعبين بشكل انفرادي، بل وأن يرغم عددا منهم على توقيع التزامات ينفون فيها بشكل قاطع أن يكونوا قد تلاعبوا بنتائج الفريق. وبدل أن يطرح عليهم سؤالا مباشرا بخصوص ما اعتبره السملالي محاولات من رئيس اللجنة الطبية للتأثير على أدائهم، فإنه اختار صيغة أخرى، وهو يقول لهم هل تلاعب أي منكم بنتائج الفريق؟ وبطبيعة الحال، فإن أي لاعب يوجه له مثل هذا السؤال، سينتفض معلنا عدم حدوث ذلك. لذلك فإن غلام سيجد نفسه في الجمع العام الذي سيعقده الفريق اليوم ملزما بالإجابة عن عدد من الأسئلة، أولها: لماذا رفض تشكيل لجنة للتقصي وثانيها: لماذا تناقض مع نفسه وقرر بشكل انفرادي الاستماع إلى بعض اللاعبين دون أن يستشير بقية الأعضاء وكأن الرجاء ضيعة تابعة له وليست فريقا له مكتبه المسير وجمهوره العريض؟ وثالثها: من أي زاوية ينظر غلام لتصريحات حميد ناطر الذي أكد ما جاء في تقرير الكاتب العام، ولماذا لم يبادر إلى الاستماع إليه، وهو الذي جعل من نفسه خصما وحكما. ورابعها: هل من المعقول أن يصبح غلام طرفا في الموضوع، ففي الوقت الذي طالب فيه السملالي بلجنة تضم حكماء الرجاء حتى لا يقع أي ضغط على اللاعبين فإنه ضرب بهذا الأمر عرض الحائط. إن إجابة غلام عن هذه الأسئلة يبدو أمرا ملحا، سيما أن الرجل دائم الحديث عن الشفافية والنزاهة والتدبير الديمقراطي للفريق. أما إذا كان لا يملك أجوبة عن هذه الأسئلة، فسيكون من الأفضل له أن يقدم استقالته لأن الرجاء ليست في حاجة لمن يخنق الحقيقة، ولكن لمن يكشفها عارية دون مساحيق.