احتلت مواكب المتظاهرين، تحت رذاذ خفيف يوم الخميس 23 شتنبر، شوارع باريس في أكبر مظاهرة احتجاج نظمتها التنسيقية النقابية الفرنسية تحت إشراف خمس نقابات فرنسية كبرى. وعلى المسار الرابط بين حي لاباستي ودونفير روشرو، بالمقاطعة الرابعة عشرة، ردد ما يقرب من 300 ألف متظاهر من مجموع ثلاثة ملايين، شعارات تندد بسياسة الحكومة، وخاصة بقانون المعاشات الجديد, الذي رفع من سن التقاعد إلى 62 سنة بدل 60. وعلى طول مشوار المسيرة، أثبتت ملصقات بصور لساركوزي وإيريك فورت، مرفوقة بتعليقات ساخرة في موضوع نهب المال العام والتورط في قضايا مالية مغشوشة نسبة إلى ما أصبح يعرف ب«قضية ليليان بيتانكور-إيريك فورث». كما وزعت أوراق نقدية مزيفة من فئة 500 أورو مصكوكة بصورة ساركوزي. وبعد يومين على هذه المظاهرة الحاشدة، عرفت باريس هذه المرة تظاهرة على شكل مسيرة فنية دخلت هذه السنة نسختها الثانية عشرة : التكنو-باراد، استعراض الموسيقى الالكترونية. وقد حج آلاف الشباب وعشاق هذا اللون الموسيقي في أزياء فانتازية للرقص على منصات شاحنات وعلى نغمات صاعقة. وقد كان جاك لانغ، وزير الثقافة في عهد فرانسوا ميتران، هو أول من طرح هذه التظاهرة، التي ما فتئت تنتج نظيراتها في دول أوروبية أخرى. حفل موسيقي آخر، لكن بنبرة مغايرة، أحياه يوم الجمعة 24 شتنبر الشاب خالد، في إطار مهرجان «إيل دو فرانس» بقاعة «السيرك ديفار». وتحت عنوان «مقهى وهران» استقبل خالد أصدقاء وأساتذة وهرانيين أغنت تجاربهم سجل الراي أمثال موريس المديوني، الشاب الصحراوي، الشابة الزهوانية (التي لم تكف خلال عرضها من ترديد تحيا الجزائر!)، وبوطيبة الصغير. وحيدا أو رفقة هؤلاء الفنانين، كهرب خالد الجو بأغاني أصبحت اليوم مرجعية في الريبيرتوار العالمي. ولم يفقد الشاب خالد زخمه الصوتي ولا عفويته على المنصة. وفي إطار «الحفل السنوي للمتوسط», استضافت المقاطعة السادسة عشرة، بشراكة مع سفارة المغرب، ما بين 23 و 26 سبتمبر الأسبوع المغربي، عرضت خلاله فعاليات فنية وموسيقية. وعلى المستوى السينمائي، لم تقم القيامة كما توقع البعض بعد عرض فيلم «خارج القانون». ويحتمل أيضا ترجمة «المتسيبون» لرشيد بوشارب. وأمكن للنقاد والمشاهدين أخذ فكرة عن عمل سينمائي فتح مجددا صفحة العنف والعنف المضاد في الجزائر أيام الاستعمار الفرنسي. لكن النتيجة لم تكن بمستوى الضجة، ليس فقط على مستوى عدد المشاهدين ولا على مستوى الترحيب بالفيلم. أما فيلم «بشر وآلهة» لغزافييه بوفوا، الحائز على السعفة الذهبية لدورة كان الأخيرة، والذي عالج موضوع مقاومة رهبان تيبحيرين بالجزائر، فقد خطف الأضواء من فيلم رشيد بوشارب، لتميزه التقني والجمالي وجودة أداء الممثلين. ومنذ عرضه لمدة أسبوع، بلغ عدد المتفرجين الذين شاهدوا الفيلم مليون متفرج. لكن يبقى الحدث الفني الباريسي بامتياز هو المعرض الاستعادي الذي يحتضنه «لوغران بالي» لنتاج كلود مونيه، 1840-1926، أب الانطباعية. ومن المنتظر أن يزور المعرض 500 ألف زائر. وقد تم تجميع لوحات من متاحف وطنية ودولية وكذا من مجموعات خاصة. وتعتبر لوحات مونيه مرآة ساطعة للأمكنة التي عاش بها، زارها ورسمها، معيدا ابتكارها تحت ألوان وأضواء جديدة تشع وتطفح حيوية ورونقا. ويعتبر مونيه أحد الرسامين الأوائل الذين أكدوا على أهمية وظيفة العين كأداة للفحص والمتعة.