أصدر مجلس أخلاقيات القيم المنقولة، الذي ذاع وصفه بدركي البورصة في السنوات القليلة الماضية، عدة دوريات وقرارات تأديبية تمحورت كلها حول الضرب على يد المتلاعبين بحقوق المستثمرين في البورصة صغيرهم وكبيرهم، ولو أن البعض يرى أن المجلس يلين أحيانا في قرارات التأديب بحيث لا تتناسب وحجم الجرم الذي ترتكب بعض الشركات المدرجة أو المحللين الماليين وغيرهم من المتدخلين في بورصة القيم. ففي 15 شتنبر 2008 أصدر مجلس القيم مذكرة متعلقة بقواعد أخلاقيات عمل المحللين الماليين الذين يعتمد عليهم المستثمرون جزئيا على تحليلاتهم في مباشرة عمليات البيع والشراء، وأوضح المجلس أن هذه القواعد تشكل الحد الأدنى الواجب أن يتقيد به المحللون عند إصدار تحليلاتهم حول تقييم السهم أو التوصية بشراء هذا السهم أو ذاك، وذلك بهدف حماية المستثمرين من المعلومات الخاطئة أو المضللة أو المعلومات المتلاعب بها. حياد المحللين الماليين ومن هذه القواعد الأساسية وضوح العمل التحليلي ودقته واستقلاليته واستكماله لكافة العناصر المطلوبة من لدن المستثمرين، لكي لا يؤدي غياب هذه المقومات إلى تضليلهم حول الوضعية الحالية أو المستقبلية، والمطلوب أيضا من المحلل الترفع عن تضارب المصالح أو تأثيرات هذه الجهة أو تلك، كما نصت المذكرة على إجراءات وقائية وتدبير لتضارب المصالح التي تتعرض لها الشركات المشغلة للمحللين الماليين من لدن مصدري القيم المنقولة، ويتطلب الأمر من هؤلاء التحلي بالشفافية في الكشف عن تضارب المصالح التي يواجهونها، وذلك بغية تحديد العناصر المحتملة أن تحد من استقلالية عمل المحلل. ويقوم مجلس القيم المنقولة بشكل دوري بنشر بلاغ يجرد فيه لائحة الشركات التي تقيدت بمضامين الدوريات التي يصدر المجلس المقنن لإصدار ونشر المعلومات المالية من لدن الشركات التي تلجأ للطلبات العمومية للادخار، وذلك فيما يخص نشر نتائجها الفصلية ونصف السنوية وكذا وضعية ديونها المعلقة الأداء ومدخراتها المالية، وكذا الشركات التي تحترم المقتضيات المرتبطة بنشر النتائج المالية الموطدة، والتعليقات على النتائج، وتلك التي نفذت التوصيات الخاصة بعقد اجتماعات مع المحللين ومع الصحافة المتخصصة. عقوبات تأديبية في آخر دجنبر 2009 قرر دركي البورصة تأديب شركة «سامير» بسبب عدم تحيينها في الآجال القانونية لبيان المعلومات المتعلقة بإصدار سندات الاقتراض التي أشرها عليها المجلس في 18 دجنبر 2008، حيث أخفت تدهور وضعيتها المالية المتصلة بحجم مديونيتها، والناتج عن تأثير انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية وأثرها على قيمة الاحتياط النفطي لدى الشركة، فقد حصلت الشركة على قرض من البورصة قيمته 800 مليون درهم، قبل أن تعلن بعد ذلك في مارس 2009 أنها تكبدت خسارة تصل إلى 1.2 مليار درهم. وكان مجلس إدارة الشركة قرر إصدار اقتراض مستندي ب 1.5 مليار درهم، حيث تم إصدار قرض ب 800 مليون درهم، بينما تركت للإدارة العامة صلاحية إصدار قرض مستندي بمبلغ 700 مليون درهم. ورغم أن الشركة أكدت أن عدم تحيين المعلومات في وقتها لم يكن مقصودا، فإن البعض رأى في القرار الذي أصدره مجلس القيم في حق سامير قرارا مخففا بالنظر إلى الخطأ الجسيم الذي ارتكبته، بحيث قرر توجيه إنذار للشركة وإلزامها بنشر القرار في موقعها الإلكتروني، في حين ذهب بعض المتابعين إلى ضرورة تغريم الشركة ماليا رغم الإقرار بأن القرار التأديبي هو الأول من نوعه في تاريخ البورصة يتخذ في حق شركة مصدرة للأسهم، وعلى إثر الإنذار الذي تلقته من المجلس قامت الشركة بإعادة تحيين بيان المعلومات الخاص بإصدار سندات الاقتراض عبر بورصة الدارالبيضاء. قبل قضية سامير، أصدر دركي البورصة في 13 مارس 2008 عقوبات على بعض شركات الوساطة البورصوية بخصوص عملية إدراج الشركة العامة العقارية في بورصة القيم والتعاملات التي رافقت العملية، بحيث عاقب شركة «إبلاين» بغرامة مالية تأديبية قدرها مليون درهم والاقتراح على وزير المالية بسحب رخصة ممارسة الشركة لعملها المتمثل في استقبال الودائع الخاصة بالأسهم والسيولة النقدية. و أصدر عقوبة التوبيخ في حق «سافابورص» والإنذار لشركة التجاري أنترميدياسيون وتحذير شركة «بي أم سي أو كابيتال بورص». والسبب في توقيع هذه العقوبات هو تدخل تلك الشركات في قيم الشركة العامة العقارية خلال عمليات إدراجها في البورصة، وهي خطوة خطيرة حسب وصف مجلس القيم، وقرر المجلس الإداري لمجلس أخلاقيات القيم المنقولة تحويل الملف الملغى لعملية إدراج الشركة العامة العقارية بالبورصة إلى العدالة. تدقيق طلبات التأشيرة وإلى جانب هذه التمظهرات للعمل الرقابي لمجلس القيم، يقوم دركي البورصة بعمل يومي للتدقيق في الوثائق التي يطلبها من الشركات التي ترغب في ولوج البورصة أو رفع رأسمالها أو اللجوء إلى المستثمرين لتمويل نشاطها من خلال إصدار الطلبات العمومية للادخار أو سندات الاقتراض، وذلك بغرض التأكد من سلامة الوثائق والوضعية المالية للشركة واحترامها للمقتضيات القانونية المنظمة لعمل البورصة، مع التنبيه إلى نوعية الضمانات التي تقدمها الشركات المصدرة للسندات أو الطلب العمومي للمستثمرين وكيفية سدادها لمستحقاتهم. ويقوم المجلس بمراقبة مئات التداولات المسجلة في البورصة وذلك بغية الكشف عن الانزلاقات التي قد تقع كوجود ممارسة البيع على المكشوف وحجم حضورها في التداولات في أوامر تنفيذ عمليات البورصة، كما يراقب عمليات شراء الشركات المدرجة لجزء من أسهمها بغرض تنظيم أدائها والحرص على ألا تتجاوز السقف المحدد لها. ومن الجوانب التي يحرص مجلس القيم المنقولة على توضيحها في نص التأشيرات التي يمنحها للشركات المدرجة بخصوص العمليات التي تقررها كرفع الرأسمال وإصدار سندات اقتراض أو اللجوء للطلب العمومي للادخارأن منحه الضوء الأخضر لا يعني مصادقته على صدقية المعلومات التي توردها الشركة المعنية أو توفر ضمانات للمستثمرين، بل مهمة المجلس تتجلى في التأكد من دقة وانسجام المعلومات حول العملية موضوع التأشيرة وسيرورة تنفيذها. كما يقوم المجلس بتكليف فريق بالمراقبة اليومية لتداولات البورصة دون استثناء، وبواسطة برامج معلوماتية خاصة يتم رصد الخروقات وعند الوقوف عليها يكلف فريق بالتحقيق في عين المكان. وتتراوح العقوبات التي يقررها مجلس القيم في حق مرتكبي خروقات في المقتضيات القانونية والتنظيمية للبورصة بين العقوبات التأديبية (تحذير، إنذار وتوبيخ)، سواء تعلق الأمر بشركات البورصة أو صناديق الاستثمار أو مؤسسات الإيداع...