يصفه كثيرون بالرجل الذي جلب الفضيحة للولايات الأمريكية، وهو مهدَّد بالسجن لمدة قد تبلغ 52 سنة. إنه محلل المعلومات العسكرية في الجيش الأمريكي، برادلي مينينغ، المتّهَم بتسريب وثائقَ في غاية السرية لموقع «ويكيليكس»، المتخصص في نشر الوثائق العسكرية السرية. مباشرة بعد اعترافه بتزويد الموقع المثير للجدل، في أبريل 2010، بشريط فيديو يُظهِر وحدة من الجنود الأمريكيين وهم يطلقون النار، من على متن طائرة مروحية من نوع «أباتشي»، على قرابة عشرة مدنيين عُزَّل، ضمنهم مصوران فوتوغرافيان تابعان لوكالة «رويترز» للأنباء، صار يُعتبَر من قِبَل العسكريين الأمريكيين المتّهمَ الرئيس بتسريب 92 ألف وثيقة عن الحرب في أفغانستان لنفس الموقع في 24 يوليوز الماضي، والتي زرعت الرعب في أوساط النُّخَب العسكرية في واشنطن. وفجأة، تصدر هذا الجندي، ذو ال22 سنة من عمره، صفحات الجرائد الأمريكية وتم تقديمه في صورة خائن أمريكا وزملائه في العمل.. ثم وُصف بأنه شخص مضطرب ومثلي ذو ماض غير مُشرِّف، قبل أن تتوالى الأسئلة عن أسباب توظيف شخص بهذه المواصفات في وكالة الاستخبارات الأمريكية!.. وفي غمرة النقاش في الولاياتالمتحدةالأمريكية، أعلن «البنتاغون» عن إلقاء القبض عل برادلي في الكويت، لوجوده هناك ضمن القوات الأمريكية المقاتلة في بلاد الرافدين، قبل نقله إلى أمريكا وإيداعه سجن «كانتيكو» في ضواحي العاصمة واشنطن، على ذمة التحقيق، بتهمة «القيام، عن سابق إصرار وترصد، بنشر معلومات يعلم حقيقة خطورتها على الولاياتالمتحدةالأمريكية». «هل يستطيع جندي وحيد أن يُسرِّب كَمّاً هائلا من المعلومات بالغة السرية بمفرده دونما مساعدة؟».. هذا هو السؤال الذي شغل المسؤولين العسكريين الأمريكيين، بعد أُولى جولات التحقيق مع مينينغ؟ وفي سياق البحث عن الشركاء المفترَضين لمينينغ، أوقفت هيئة التحقيقات الفدرالية تقنيَّ معلوميات، يبلغ من العمر 27 سنة، في مطار مدينة سياتل، لدى عودته من العاصمة البريطانية لندن، بتهمة تقديم المساعدة التقنية لبرادلي لتحميل ذلك الكم الهائل من المعلومات، في سرية تامة، غير أنها أطلقت سراحه، بعد ثلاث ساعات، ولم يُعلن منذ تلك اللحظة عن أي حالة اعتقال على خلفية هذه القضية. وفي المقابل، تشكلت حركة خاصة لدعم برادلي وأطلقت حملة لجمع التبرعات على شبكة الأنترنت، بهدف توكيل أفضل المحامين للدفاع عنه، واستنكرت إحدى قياديات هذه الحركة، وتدعى شارلوت شيسبي -كوليمان، في تصريح نقلته عنه وسائل الإعلام الأمريكية، «الخطر الذي يواجهه الجندي برادلي، المتمثل في 52 سنة سجنا نافذا، في الوقت الذي ينام الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش ومساعدوه، الذين خدعوا الشعب الأمريكي وجروا جيشه إلى حرب العراق، لأسباب واهية، قريري الأعين. وفي 30 يوليوز الماضي، أقدم إيفان كنَابِينْبِيرْغر، وهو جندي سابق في العراق، على نشر «رسالة مفتوحة» على الموقع التقدمي «أحلامنا المشترَكة»، جاء فيها: «برادلي مينينغ هو بطلي الجديد». وأكد هذا الجندي أن معظم المعلومات التي يزود بها القسم الإعلامي للجيش الأمريكي وسائلَ إعلام بلاده تكون مغلوطة، مُعبِّرا عن ندمه الشديد لعدم تعميمه المعلومات التي كانت بحوزته أثناء مزاولته عملَه في العراق، وأبدى اعتزازه بما فعله باردلي، خصوصا وأنهما شغلا المنصب نفسَه في العراق، بعد تخرجهما من مدرسة الاستعلامات العسكرية. واتخذت قضية برادلي منحى جديدا، بعدما أكدت كل جبهة للدفاع عنه ضد الحكم الذي يتهدده على ضرورة أن يفتح الجيش تحقيقا حول الأشخاص الذين ساقوه إلى «مستنقع» العراق، بدل إصدار حكم قاسٍ في حق رجل كشف للعالم عن جريمة الحرب التي ارتُكبت في حق الشعب الأمريكي وجيشه. غير أن أستاذ الاتصال في جامعة جورج ماسون في واشنطن، أكد أن «باراك أوباما نفسَه مستعد ل»التضحية» بالفصل الأول من الدستور الفدرالي، الذي يضمن حرية التعبير للجميع، في سبيل الحفاظ على آلته الحربية»!...