عامل إقليم الدريوش يترأس حفل إحياء ليلة القدر المباركة بمسجد المسيرة الخضراء    تاونات.. موسم فلاحي واعد بفضل التساقطات المطرية الأخيرة    آلاف المغاربة يطالبون بإنقاذ غزة وإدخال مساعدات للفلسطينيين    عامل إقليم الحسيمة يحيي ليلة القدر المباركة بمسجد محمد السادس    برادة: التنزيل العملي لنموذج بيداغوجي جديد يتم عبر الإرساء التدريجي لمشروع "مؤسسات الريادة"    أديس أبابا: رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي يستقبل السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الاتحاد الإفريقي    مستقبل الدولي المغربي سفيان أمرابط بات على المحك … !    تفاصيل حريق بمطار محمد الخامس    إيداع تلميذين سجن تطوان على خلفية جريمة "ثانوية بني رزين"    عون يبرئ حزب الله من إطلاق النار    رابطة تدين طرد مدير قنصلية المغرب    إلغاء حكم السجن ضد داني ألفيش    بورقية وبوعياش وبلكوش .. الديوان الملكي يعلن عن تعيينات جديدة    تفاصيل تزويد المغرب ب 18 قطارًا    ارتفاع طفيف في بورصة الدار البيضاء    مجلس الحكومة يتتبع مستجدات النهوض بأوضاع المرأة ويوسع اختصاصات قطاع التواصل    إغلاق 531 محلاً وملاحقة 327 مخالفاً في حملات مراقبة الأسواق برمضان    توزيع ملابس العيد على 43 نزيلا حدثا بالسجن المحلي بطنجة2    دنيا بوطازوت تنسحب من تقديم "لالة العروسة" بعد أربع سنوات من النجاح    إسبانيا تعلن عن ملف مشترك مع المغرب والبرتغال لتنظيم بطولة عالمية جديدة    السعيدية.. تسليط الضوء على الندوة الدولية حول تطوير الريكبي الإفريقي    شهر رمضان.. وكالة بيت مال القدس الشريف تقدم حصيلة حملة المساعدة الإنسانية في القدس    ارتفاع حصيلة زلزال بورما إلى 144 قتيلا    العجز التجاري للمغرب يقفز إلى 50.7 مليار درهم عند متم فبراير    فرنسا تمنح مهنيي النقل امتياز التأشيرات بدون مواعيد: توقيع اتفاقية شراكة بين القنصلية العامة وAMTRI    نهضة بركان يبلغ ثمن نهائي كأس العرش بفوزه على اتحاد طنجة    مقترح قانوني.. حظر ممارسة الأنشطة التجارية للمسؤولين في فترة مهامهم    وزارة الداخلية.. إغلاق 531 محلا ومصادرة 239 طنا من المنتجات غير القانونية    مارين لوبان تنتقد إدانة بوعلام صنصال: وصمة عار لا تُمحى على النظام الجزائري    العرض ماقبل الأول لفيلم «مايفراند» للمخرج رؤوف الصباحي بسينما ميغاراما    رامز جلال في رمضان والكاميرا الخفية المغربية .. مقلب في الضيوف أم في المشاهد؟    مباريات كرة القدم للتأهل إلى المونديال إصابة أكرد تدمي قلب مشجع ستيني    مطالب بعقد اجتماع عاجل بمجلس النواب لمناقشة تفاقم البطالة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    وزيرا دفاع سوريا ولبنان يوقعان في جدة اتفاقا لترسيم الحدود بوساطة سعودية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    دوري أبطال إفريقيا: تحكيم ليبي لمباراة الإياب بين الجيش الملكي وبيراميدز المصري    دونالد ترامب يستضيف حفل إفطار بالبيت الأبيض    الصين: انخفاض الأرباح الصناعية ب0,3 بالمائة خلال الشهرين الأولين من 2025    "مناجم" التابعة للهولدينغ الملكي تحقق رقم معاملات ناهز 4 مليارات درهم وتعلن عن اكتساف 600 طن من احتياطي الفضة    تيك توك تطلق منصة تسوق تفاعلية في أوروبا    عودة أسطورة الطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي في عرض يعد بالكثير    هل ينتقل نايف أكرد لماشستير يونايتد … بسبب إعجاب المدرب … ؟    أيها المغاربة .. حذار من الوقوع في الفخ الجزائري    الأردن وزواج بغير مأذون    باحثون يكتشفون رابطا بين السكري واضطرابات المزاج ومرض ألزهايمر    كرة القدم لعبة لكنها ليست بلا عواقب..    سكان المغرب وموريتانيا أول من سيشاهد الكسوف الجزئي للشمس السبت    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    عادل أبا تراب ل"رسالة 24″: هذا هو سبب نجاح "الجرح القديم" ومقبل على تقمص جميع الشخصيات    حب الحاجب الذي لا يموت..!    أوراق من برلين: فيلم "طفل الأم".. رحلة تتأرجح بين الأمومة والشكوك    فن يُحاكي أزمة المياه.. معرض فني بمراكش يكشف مخاطر ندرة الماء والتغيرات المناخية    رسالة إلى تونس الخضراء... ما أضعف ذاكرتك عزيزتي    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تودع شكاية لفائدة طفلة أُصيبت بالسيدا عقب عملية جراحية    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هبولي يحكي سيرة فن وحياة
مسؤولون مغاربة تاجروا في عملية ترحيل اليهود إلى إسرائيل
نشر في المساء يوم 11 - 07 - 2008

بوشعيب هبولي فنان تشكيلي مغربي من عيار نادر، وفي حياته الفنية كما حياته الشخصية الكثير من العلامات ومن الألغاز، عاش في مدينة أزمور حيث ولد، وحيث يوجد حي كامل يحمل اسم العائلة «درب الهبولي»، لا يتذكر من ملامح الأم أي شيء، ووالده المعلم البناي «الطاشرون»، لم ينجب غيره، لذلك كتب على الطفل أن يرافق الوالد وأن يعيش تحت سطوته. في بداية السبعينات، سيحدد بوشعيب هبولي مصير حياته بعد وفاة والده، حيث سيقدم استقالته من مهنة التعليم، وسيتفرغ للفن وللحياة، قبل أن يغادر أزمور ويهيم في الرباط مدة 15 سنة، ليعود إلى المدينة الأم شخصا آخر، ناضجا ومستوعبا الكثير من تجارب الحياة وفنانا أصيلا. نلف معه في هذا الحديث الطويل، ذلك المسار الطويل من حياة إنسان وفنان وزمن مغربي حربائي.
- هل علمتم بعد 1948، بنبأ هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل؟ هل كانت لكم فكرة عن هذا الموضوع؟
< بطبيعة الحال، لاحظنا في تلك الفترة تناقص عدد اليهود في مدينة أزمور، وكنا نعرف في فترة بداية الاستقلال أن الأمر يتعلق بنوع من النزوح إلى فلسطين، لكن الأمر لم يكن معروفا بشكل كبير عند جميع المغاربة، ولم تتح لنا الفرصة لمعرفة حقيقة الأمور، وكيف أن العملية كانت تقف وراءها جهات يهودية تتاجر في الموضوع من خلال التغرير باليهود، وقد كانت هذه الجهات تقبض الثمن مقابل تهجيرهم إلى إسرائيل.
لم تتبين الحقيقة بدقة إلا في مرحلة لاحقة. ولا أعتقد أن الأمر كان يتعلق بنزوح، فلا أحد من المغاربة طردهم. وكل ما حصل أن مسؤولين نافذين في الدولة في تلك الفترة تاجروا باليهود، حيث كان يتم تجميعهم من كل أنحاء المغرب في المطار، الذي يسمى بمطار أنفا، الذي كان في حقيقته ثكنة عسكرية.
في ذلك المطار كان يتم تجميع اليهود وترحيلهم بعد ذلك، كما كانت هناك طرق أخرى، من بينها أنه كان يتم تسليم جوازات سفر لعدد من اليهود مما مكنهم من العبور بشكل عاد عن طريق إسبانيا وفرنسا.
وحتى في أواخر الخمسينيات، كانت توجد في ميناء الدار البيضاء مراكب وسفن، تشتغل في الخطوط البحرية التالية: خط الدار البيضاء السنغال، وخط الدار البيضاء مارسيليا، وخط الدار البيضاء بوردو، لكن هذه الخطوط لم تعد موجودة اليوم. كما أنه في تلك الفترة كانت مرسى الدار البيضاء مفتوحة، وكان بالإمكان زيارة هذه السفن الكبيرة المخصصة لنقل المسافرين.
- وكيف عرفت بوجود هذه السفن في الميناء؟
< الحقيقة أنني تعرفت على هذه السفن عن طريق زيارة قمت بها رفقة والدي إلى مرسى الدار البيضاء في أواخر الخمسينيات، ومن غريب الصدف أن الوالد اصطحبني إلى مركب كبير يحمل اسم أزمور.
- نفهم من هذا أن علاقتك كانت وطيدة بالوالد، أي أنك كنت طفله المدلل؟
< لم أكن مدللا بالمعنى الحرفي للكلمة، ولكن بما أنني كنت ابنه الوحيد وبما أن والدتي كانت قد رحلت عن الدنيا وأنا في المهد، فإن والدي لم يكن يطمئن بتركي في يد أي كان، ولذلك ربطتني بوالدي علاقة خاصة جدا، وكنت أصحبه أينما حل وارتحل.
- لم يكن يتركك حتى تخرج للعب مع الأقران في الزنقة؟
< ليس إلى هذه الحدود، ولكن بما أننا كلنا أبناء تربية تقليدية، فإن مفهوم الزنقة كان له معنى سلبي، كان لفظ أولاد الزنقة يحمل تعبيرا قدحيا، ولذلك كان الوالد يحاول ما أمكن أن يوجد حائلا بيني وبين» الزنقة»، لقد كان يريد أن يخضع ابنه الوحيد لتربية خاصة على يديه.
- كنت وحيد العائلة ويتيما، هل كنت تحس مثلا بوحدة ما، أو بحاجة إلى إخوة وأخوات يشاركونك اللعب ويحمونك من الأقران؟
< ربما احتضان الأب وحدبه علي لم يشعراني بمرارة اليتم أو بأني بحاجة إلى إخوة، فقد كنت أرافقه باستمرار ولا أفارقه في فترات العطل التي كنا نقضيها في البادية.
- أين كانت توجد باديتكم؟
< لم نكن بعيدين عن أزمور، كانت باديتنا على مبعدة خمسة أو ستة كيلومترات، في منطقة الحوزية، وهي منطقة فلاحية معروفة في مدينة أزمور بأراضيها الفلاحية الخصبة.
- ما اسم دواركم؟
< اسمه دوار لهبابلة، إنه قبيلتنا.
- ولذلك كنت تزور لهبابلة كثيرا؟
< بالفعل، لأن والدي كان يحرص على الإشراف على جني المحصول الفلاحي، وبالأخص في الصيف، في فترة الحصاد، وبالتالي كنا خلال موسم الصيف نحزم أمتعتنا ونولي وجهنا شطر دوار لهبابلة، ونظل هناك إلى غاية انتهاء الأعمال الفلاحية، ثم نعود بعدها إلى أزمور. كان الأمر يشبه سفرا.
أما أسفاري مع الوالد إلى الدار البيضاء، فقد كانت في فترة بعيدة، ولكني لا أتذكر الأسفار الأولى بحكم صغر سني حينها.
- كان الوالد مقاولا للبناء «طاشرون»؟
< كان مقاولا للبناء بالمعنى التقليدي، كانت مداخليه تكفيه. لم يكن والدي «طاشرون» بالمعنى العصري، وكما تعرف، كانت مواد البناء في الخمسينيات من القرن الماضي لا تتجاوز «الحجر والبغلي»، ثم بدأ المغاربة يبنون بيوتهم شيئا فشيئا بواسطة الإسمنت المسلح، لكن الغالبية العظمى كانت تقيم سقوف بيوتها ب»البرومي والكيزة».
- كنت تزور الوالد في ورش البناء؟
< لما بدأ يشتد عودي كنت أزور الوالد أثناء عمله، وكان وقتها ينتقل من منزل إلى آخر، وقد كانت هذه الزيارات بالنسبة إلي اكتشافا آخر.. بدأت أكتشف «المعلم» و«المتعلم» ومواد البناء، وطريقة البناء والشكل الهندسي، وطقوس عمال البناء، ففي الصباح كانوا يصلون على النبي بتلك الطريقة الحماسية وفي المساء كانوا يهللون ويكبرون، زيادة على طريقة إدارة ورشة البناء والعلاقات اليومية للبنائين وتراتبية المهنة، إذا جاز التعبير.
كما أن الوالد كان يصحبني إلى المحافل الدينية وإلى الحفلات الخاصة بالمولد وما شابه ذلك، علاوة على الكثير من الولائم التي كان يقيمها والدي في بيته.
- كنت تحس بأنك أكبر من سنك، أو كما يقول المغاربة «كبرتي قبل من الوقت»؟
< بالضبط، هذا ما حصل، كنت أحس أني رجل ناضج في هيئة طفل، وكان أن وجدت نفسي أقرأ الجرائد، وهي عادة لم تكن تقوم بها إلا قلة من الرجال الكبار المتعلمين. كنت أحس بأن هناك هيمنة للأب على حياتي، لكني كنت أحس بأني طفل آخر، وأن طفولتي شيء مختلف، ولا تشبه طفولة الآخرين.
- ومتى بدأت تنفصل عن هيمنة الأب؟
< لما بدأت أتقدم في السن وأنضج، بدأت أنضج وأتعرف على العالم بمفردي، وأصبح لي أصدقاء، وبدأت أخرج مع رفاقي، خارج المدينة. في هذه الفترة بدأت أتحرر شيئا فشيئا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.