قبل سنتين بالتحديد توصل (ر.ط) برسالة إنذارية من محامي البنك، الذي ظل زبونا له منذ 1985. كانت الرسالة أشبه بصفعة قوية و مفاجئة. إذ أخبره المحامي بأنه مدين للبنك بما يناهز 13.688 درهما، وأن عليه سداد الدين في ظرف أسبوع واحد فقط. وأضاف المحامي بلهجة تحذيرية بأنه «في حالة عدم أدائكم المبلغ المذكور داخل الأجل المضروب لكم سأكون مضطرا لمطالبتكم بذلك على يد القضاء مع تحميلكم كافة المصاريف»، قبل أن يختم تهديده «ولن يفوتني أن أدخل ضدكم مساطر الحجز اللازمة قصد ضمان أداء ديون موكلتي». لم يستوعب (ر.ط) سبب الإنذار الموجه إليه ولا طبيعة المديونية التي أشار إليها المحامي. لكنه حين استقصى الأمر اكتشف أن المشكل يعود إلى حوالي عشر سنوات حين كان يقيم بمدينة مراكش و كان له حساب بنكي بوكالة جليز قبل أن ينتقل إلى مدينة القنيطرة و يفتح هناك حسابا جديدا بوكالة الاستقلال. كان يعتقد أن حسابه القديم سيغلق تلقائيا بمجرد ما أخبرت وكالة الاستقلال مدير وكالة جليز هاتفيا و بالفاكس. لكن ذلك لم يحدث و ظل حسابه البنكي مفتوحا طيلة عشر سنوات. كانت المفاجأة قاسية عليه، ولم يفهم كيف أن وكالة جليز لم تغلق حسابه البنكي، رغم المراسلات التي وجهت إليها، و كيف أن البنك لم يخبره بأن له حسابين بنكيين مفتوحين في الآن ذاته. كما لم يستوعب كيف تمت مراكمة كل ذلك المبلغ، الذي أشار إليه المحامي طيلة هذه السنوات، ثم يطالبه بعد ذلك بسداده في أجل لا يتعدى أسبوعا واحدا فقط! لم تتوقف سلسة المفاجآت-الكوابيس عند هذا الحد. إذ بعد مضي بضعة شهور سيفاجأ (ر.ط) بالبنك يقتطع من حسابه البنكي ستة آلاف درهم دون إخباره أو إعطائه أي مبرر أو حتى اللجوء إلى القضاء، كما هدده بذلك المحامي سابقا. كانت ضربة موجعة لم يستطع احتمالها. إذ لم يستوعب كيف يكون مدينا لوكالة جليز مراكش، ثم تقوم وكالة الاستقلال بالقنيطرة باقتطاع كل هذا المبلغ من حسابه البنكي دون أخذ رأيه!. في تلك اللحظة قرر اللجوء إلى مدير وكالة الاستقلال كي يضع حدا لهذه المتاهة التي أدخله إليها البنك. وقد أوضح للمدير، في شكاية وجهها إليه، أنه لا يتحمل أي مسؤولية عن عدم إغلاق حسابه القديم، و أن العاملين بوكالة جليز هم من يتحمل هذا الخطأ، و أن عليه التزامات وقروضا، وأن لديه أسرة يعيلها، وليس لديه سوى راتبه الشهري... لكنه لم يتلق أي رد. وبعد شهر واحد فقط قام البنك باقتطاع ستة آلاف درهم أخرى من حسابه البنكي دون إشعار أيضا أو تبرير. كان وقع الصدمة أقوى هذه المرة لأن الاقتطاع كانت له تداعيات سلبية عليه و على أسرته. كما أن البنك، الذي ظل عميلا له أزيد من عشرين سنة، لم يأبه بشكايته وعامله بطريقة «لا تليق بمؤسسة بنكية من واجباتها المعاملة الحسنة و حسن التصرف». أمام إصرار البنك على تجاهل مشكلته وكذا انتهاج سياسة الأذن الصماء، لم يجد (ر.ط) من مخرج أمامه سوى البحث عن جهة أخرى ترفع عنه «الحيف»، الذي طاله. وكان أول ما فعله هو اللجوء إلى الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بالقنيطرة، عارضا مشكلته عليها. كما بعث ملفه بأكمله إلى بنك المغرب، وظل يترقب ما يمكن أن تأتي به الأيام. لم يطل انتظاره طويلا، و كانت النتيجة غير متوقعة بالنسبة إليه. إذ «بعد شهرين فقط - يقول (ر.ط)- من الشكاية التي تقدمت بها إلى الجمعية المغربية لحماية و توجيه المستهلك و بنك المغرب اعترف البنك بخطئه وأرجع لي ما تم اقتطاعه من حسابي البنكي بوكالة القنيطرة و أغلق حسابي القديم بوكالة جليز بمراكش». مثل هذه النهاية لا تكون دوما متوقعة. إذ لحسن حظ (ر.ط) أنه استطاع في الأخير أن يجبر البنك، الذي ظل متعنتا، على الاعتراف بالخطأ، الذي ارتكبه في حقه، في حين ما يزال العديد من زبناء الأبناك عاجزين عن فعل ذلك، رغم الخروقات البنكية التي كانوا ضحاياها. إذ يفضل بعضهم الارتكان إلى الصمت، فيما يرضخ آخرون لضغوطات الأبناك نتيجة العلاقة غير المتوازنة باستمرار بين الزبون و البنك.