يسعى الكاتب، من خلال هذه الخواطر الرمضانية، إلى دعوة المؤمنين إلى الارتقاء بممارساتهم اليومية خلال شهر رمضان المبارك، باعتبار هذا الشهر فرصة لإعادة النظر في حياتنا، الماضي منها والقادم، كما أنه يأتي ليدفعنا إلى وقف هذا السباق المحموم على الدنيا و المنافسة المحتدمة من أجل الاستهلاك ولا شيء آخر غير الاستهلاك، الذي يُنْسي الإنسانَ الكثيرَ من القيم الجميلة التي يستعيدها في أيام رمضان الروحانية... إذا كنت من المفرطين في حقوق الله والناس عليك، ومن المذنبين المخطئين.. وإذا كنت مع ذلك ضعيف الإرادة ويغلبك العجز والكسل، أو كنت كبير السن قد مضى أكثر عمرك.. فإن بإمكانك أن تستدرك خيرا كثيرا وتحصّل أجرا وافرا وتكفر عن سيئات كثيرة جدا ببعض الأعمال البسيطة، فهي عبادات وسلوكات غير مكلفة لكن أجرها عند الله سبحانه كبير وهائل.. إلا الكبائر فتلزمها توبة خاصة. وهذا من رحمة الله بعباده وفضله، فالرحمن الرحيم من أسمائه تعالى، ورحمته سبقت غضبه، وهو سبحانه يعرف الإنسان ويعلم ضعفه وقلة حيلته. ولا يستغرب القارئ مضاعفة الأجور على بعض التكاليف البسيطة، فإن بعض الأعمال قد تكون خفيفة لكنها في الميزان أثقل من أعمال أخرى فيها تكليف وجهد أكبر، ففي الحديث الصحيح: سئل نبينا عليه الصلاة والسلام: أي العمل أفضل؟ قال: الإيمان بالله ورسوله، قيل ثم ماذا؟ قال الجهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال حج مبرور. أيضا قال عليه السلام: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. وسأورد كثيرا من هذه الأعمال بالترتيب، وكلها ثبتت بأحاديث صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولولا ضيق المجال لذكرت لكل عمل دليله من السنة النبوية، وهذه هي: إتقان الوضوء ثم التشهد. المشي إلى المساجد: كل خطوة تحط خطيئة وترفع درجة. الغسل يوم الجمعة واستعمال الطيب والتبكير إلى المسجد والإنصات للخطبة: هذا يغفر الصغائر إلى الجمعة الأخرى. الأذان في المنطقة الخلاء: لا يسمع مدى الصوت جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة. الدعاء المعروف إثر الأذان: اللهم رب هذه الدعوة التامة والشفاعة.. يحقق شفاعة النبي الكريم إن شاء الله. إذا وافق المصلي الملائكة في التأمين غفر له ما تقدم من ذنبه. المرء مادام في المسجد ينتظر الصلاة على طهارة، فإن الملائكة تستغفر له. من شهد الجنازة حتى صلى عليها فله قيراط، ومن زاد على ذلك بحضور الدفن فله قيراطان، أي الجبل العظيم من الحسنات. الركعة الواحدة بالمسجد الحرام بمكة تعادل مائة ألف ركعة بالمسجد العادي، والركعة بالمسجد النبوي بالمدينة المنورة بألف ركعة بغيره. الأعمال الصالحة بليلة القدر، فإنها بألف شهر. صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية. صوم يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية فقط. من صام رمضان وأحسن صيامه، وأتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر، أي العمر كله. صوم ثلاثة أيام من كل شهر كصوم الدهر كله. من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، فإن الله يربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل. من قرأ حرفا واحدا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. قراءة قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن. من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلته كفتاه. من صلى على نبينا عليه الصلاة والسلام صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا. في التسبيح والتكبير والحمد ثلاثا وثلاثين بعد صلاة الفريضة أجر عظيم جدا. من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه. قد يستحق العبد رضى الله إذا حمده بصدق عميق بعد أكلة يأكلها أو شربة يشربها. زيارة صديق ومحبته لا لمصلحة بل لله فقط قد تستجلب محبة الله. إذا دعا المسلم لآخر بظهر الغيب، أي من دون علمه، فإن الملك يدعو له بمثل ذلك. جميع العبادات وأعمال الخير في أيام العشر من ذي الحجة. وتوجد أخيرا مجموعة من الأعمال التي جعلها الله تعالى أسبابا لخير عظيم في الآخرة، منها: حب الله ورسوله، فالمحب مع من أحب. ومنها جميع أنواع الصعوبات والنصب والتعب والأذى.. فهي مكفرات للمسلم، بل من الذنوب ما لا يكفره إلا الحزن والهم، فمن فضل الله سبحانه أنه جعل في حزن المؤمن أجرا. أما الزراعة فيكفي أن كل من أكل من الأرض شيئا، كان الآكل إنسانا أو طيرا أو حيوانا.. فإن للفلاح أو الزارع أجرا على ذلك. أما أجر الذي يحاول أن يصلح ذات البين بين الناس فيعادل أجر الذي يقوم الليل ويصوم النهار.. فهو لا يفتر عن ذلك، وهذا لكل من أصلح بين متخاصمين أو أطفأ نار العداوة بين اثنين. وإذا أردت أن تكون مع الرسول الأعظم في منزلته الرفيعة بالجنة فأحسن خلقك، فالإحسان إلى خلق الله، من إنسان أو حيوان، أجره كبير جدا، وهو أثقل في الميزان من عبادات النفل.