في خطوة تصعيدية، توعدت المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية حكومة عباس الفاسي بدخول اجتماعي ساخن، احتجاجا على تعثر الحوار الاجتماعي، وما تشهده الجبهة الاجتماعية من حالة غليان، محذرة من ضرب العديد من المكتسبات التي حققتها الشغيلة في السنوات الأخيرة، بسبب سياسة التقشف التي تتبعها الحكومة. ووصف العربي الحبشي، عضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، والفريق الفيدرالي بالغرفة الثانية، الدخول الاجتماعي المقبل ب«الساخن» و«الاستثنائي» بسبب تعثر الحوار الاجتماعي، وفشل الحكومة في إقرار سياسة اجتماعية واضحة وذات بعد استراتيجي، وكذا وجود أزمة يقتضي حلها مجهودا وطنيا جماعيا، مشيرا إلى أن هناك ملفات كبرى يتعين أن تخوض من أجلها النقابات معارك، يأتي في مقدمتها إصلاح أنظمة التقاعد، وتحسين الدخل وإقرار الترقية الاستثنائية، والحريات النقابية، فضلا عن معركة إقرار قواعد شفافة وواضحة للحوار الاجتماعي ومأسسته لكي يصبح منتجا ومفيدا لا حوارا شكليا تبغي من خلاله الحكومة كسب المزيد من الوقت. وبالنسبة للقيادي في الفيدرالية، فإن حكومة الفاسي مطالبة بالبحث عن موارد مالية إضافية لحل الأزمة الاجتماعية وتحسين عيش الأجير المغربي، من محاربة الرشوة الكبيرة والتملص والتهرب الضريبيين، ومحاربة الاحتكار، مؤكدا أنه حان الوقت لكي يساهم الأغنياء في حل الأزمة بدل الاقتصار على إثقال كاهل الفئات المتوسطة والفقيرة، من خلال إقرار ضريبة تضامنية على الثروة الشخصية، بمناسبة مناقشة القانون المالي لسنة 2011. وفيما طالب الحبشي الحكومة بامتلاك الجرأة السياسية بإقرار توزيع عادل للثروة، ومأسسة الحوار الاجتماعي، وصف عبد الإله الحلوطي، نائب الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الدخول الاجتماعي بأنه سيكون ذا طابع خاص بالنظر إلى أن حوار الحكومة مع النقابات لم يصل بعد إلى غايته، «وعدم تضمن مشروع قانون المالية أي جديد للشغيلة المغربية فيما يخص مطالبها الأساسية بتحسين الدخل، بل الأخطر أن مجموعة من المكاسب ستكون في مهب الريح بسبب سياسة التقشف التي تنهجها الحكومة وأضاف الحلوطي في اتصال مع «المساء» أن «هذه السنة ستكون سنة صعبة بالنسبة للشغيلة وللنقابات، لذا فإن دورنا سيكون هو إسماع الحكومة أنين المواطنين موظفين وأجراء». وأوضح ردا على سؤال حول ما إن كانت نقابته ستلجأ إلى تصعيد احتجاجاتها ضد حكومة الفاسي: «يتعين أن نقوم بدورنا المتمثل في الدفاع عن مصالح الشغيلة، الذي تحكمه مجموعة من الاعتبارات، منها ما سيفسر عنه اللقاء مع الوزير الأول وما ستقدمه حكومته من عرض، وبناء على ذلك وبتنسيق مع باقي النقابات سنتخذ الإجراء المناسب». يأتي ذلك في وقت لم تتوصل فيه النقابات وإلى حدود اليوم بأي إشارة من الوزير الأول بخصوص تاريخ انطلاق جولة شتنبر من الحوار الاجتماعي أو عقد لقاء تمهيدي للتحضير لجدول الأعمال الجولة. وهو أمر اعتبره الحبشي دليلا على غياب إرادة إشراك النقابات في مناقشة التوجهات العامة لقانون المالية ودفع الحكومة إلى الأخذ بمطالب المركزيات النقابية ذات الأولوية. إلى ذلك، ينتظر أن يبت المكتب الوطني للاتحاد النقابي للموظفين (الاتحاد المغربي للشغل) خلال اجتماعه في 15 شتنبر الجاري، في تاريخ وشروط تنفيذ قرار اللجنة الإدارية للاتحاد بخوض إضراب وطني لمدة 48 ساعة خلال هذا الشهر، بالنسبة لعموم القطاعات الوزارية والجماعات المحلية. وحسب سعيد الصفصافي، القيادي في الاتحاد المغربي للشغل، فإن تصعيد نقابته لاحتجاجاتها مرده «غياب الرغبة لدى الحكومة للتعاطي الإيجابي مع الملف الاجتماعي، وهو أمر يتحمل مسؤوليته الوزير الأول وحكومته»، متوقعا أن يكون الموسم الاجتماعي المقبل «موسم غليان بامتياز»، وأن لا تغير الحكومة من نهجها بخصوص الملف الاجتماعي، وهو ما تدل عليه مؤشرات من قبيل توجهات مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، والمذكرة التوجيهية للوزير الأول ولوزير المالية والاقتصاد، وكذا الخروج الجديد لوالي بنك المغرب، يؤكد القيادي النقابي.