هذه مجموعة من بعض النصوص التي ترجمتها في السنوات القليلة الماضية من اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى مقالات كتبتها لترافقها. وهذه النصوص عبارة عن مواد ثقافية متنوعة في السياسة، التاريخ، الاجتماع، الأدب العلم، الفن، والطب النفسي. ودافعي لترجمة هذه النصوص- في المقام الأول- هو تأثري بشخصيات قائليها ونبل المبادئ التي يدعون إليها في معظم النصوص، أو أهمية الموضوعات وكونها قد تكون غير معروفة تماما بالنسبة إلى القارئ العربي كما في بعضها الآخر. النص 5 - بيان للشعب الأمريكي عن خطورة الإعلانات التجارية التلفزيونية على مصلحة الشعب الأمريكي التاريخ: 28 يناير 2005 في السنة الماضية تسبب العرض الغنائي «غير المحتشم»، الذي قدم في فترة استراحة نهائي مباراة كرة القدم، في غضب شعبي عارم. إن ذلك العرض «الحميم» الذي أدته جانيت جاكسون وجستن تيمبيرليك تسبب فورا في أكثر من نصف مليون شكوى إلى وكالة الاتصالات الفيدرالية، مما أدى إلى غرامات مالية على المتسببين في ذلك العرض غير اللائق. على الرغم من أن بث صورة ثدي امرأة على التلفزيون الوطني كان صادما للمشاهدين، فإن الضرر المحتمل أن تسببه بعض المنتجات، التي أعلن عنها خلال المباراة نفسها، للمشاهدين الصغار يستحق سخطا مماثلا في الدرجة. تأملوا كلا من: أ-الإثارة غير المسبوقة حول إعلانات نهائي كرة القدم نفسها. ب-اتفاق اتحاد كرة القدم ومحطات التلفزة - بدون حياء - على بث إعلانات ضارة خلال المباراة. إنها بدون شك (إذا أخذنا بعين الاعتبار فعالية الإعلانات الموجهة، الوفرة المفرطة في الوقت الإعلاني، وطبيعة المنتجات المعلن عنها) تعتبر ضررا واسع الانتشار موجها ضد مشاهدين صغار قابلين للاستغلال. وبالنسبة لنهائي كرة القدم القادم عام 2005، الذي سيكون أكثر البرامج مشاهدة في العام، فقد قامت شركة أنهرسر - بوش بشراء معظم وقت الإعلانات بمبالغ خيالية لتمارس حيلها الإعلانية البارعة لإغراء المزيد من الناس بشرب المزيد من الكحول. أنهوسر -بوش سوف تجادل بأن الأشخاص الذين هم تحت السن القانونية ليسوا هم المستهدفين بهذه الإعلانات، ولكن من المستحيل الادعاء بأن هذه الإعلانات لن يكون لها تأثير على الأطفال والمراهقين. إن إعلانات البيرة المضحكة، المثيرة، الموافقة للموضة، والمصممة خصيصا للشباب، التي أذيعت في نهائيات كرة القدم الأخيرة مع استعمالها الرسوم المتحركة، الحيوانات، الرياضيين، والموسيقى، تقدم دليلا على أنها موجهة للأشخاص الصغار. أكثر من 30 مليون شخص تحت سن 21 سنة (أي تقريبا 40% من الأشخاص تحت السن القانونية) سوف يشاهدون إعلانات أنهوسر - بوش في نهائي كرة القدم. الكثيرون سيشاهدون هذه الإعلانات بطيبة تبلغ حد السذاجة، وبعضهم ربما سيشاهدها أكثر من المباراة نفسها. على هؤلاء الذين انزعجوا من خطر عرض نهد عار في التلفزيون الوطني على صلاح أخلاق أطفالهم أن يغضبوا بصورة أكبر على المكان البارز الذي يحتله الإعلان عن الكحول في مباريات نهائي كرة القدم المنقولة تلفزيونيا. إن نقص القدرات الإدراكية نتيجة الإفراط في تعاطي الكحول يزيد من احتمال ممارسة الجنس بدون الواقي الذكري، الحمل غير المخطط له، التعرض للأمراض التي تنتقل بواسطة الجنس، والاغتصاب. ووفقا للمعهد الوطني للصحة، تعتبر الكحول المخدر المفضل عند المراهقين، والمسبب الرئيسي لحوادث الموت، وأكبر مسبب للموت للأشخاص تحت سن 21 سنة. وتقدر نسبة السائقين الشباب تحت سنة 21 سنة، الذين يتعاطون الكحول البالغين وفقا للإدارة الوطنية لسلامة مرور الطرق. أربعون في المائة من الذين يشربون الكحول قبل سنة 15 سنة سوف يدمنون عليه في مرحلة ما من حياتهم، مما يزيد نسبة المخاطرة لديهم للإصابة بعدد من الأمراض، منها السرطان والقلب. إن هجوم إعلانات نهائي كرة القدم على الأطفال لا يتوقف عند الكحول. إن شركة الأطعمة الرديئة بيبسكو سوف تستهدف الأطفال الذين يشاهدون نهائي كرة القدم بحملة إعلانات مكثفة للدعاية لشراب بيبسي كولا الضار، ولمأكولات فريتولاي الخفيفة الضارة أيضا، ذات السعرات العالية ومستوى التغذية المنخفض. هذه المنتجات أصبحت وجبة ثابتة، لكن غير صحية، لدى الكثير من الشباب، مما يزيد من احتمال حدوث الأمراض المزمنة مثل السمنة، السكري، أمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول. لقد أثبتت الدراسات أن أساليب التسويق التجاري للطعام تجذب انتباه الأطفال وتؤثر على أولوياتهم واختياراتهم. إن بيبسكو تدفع ملايين الدولارات لاحتكار حقوق التسويق في المدارس ومواقع أخرى يرتادها الأطفال بكثرة، وهي بذلك تحبط جهود الآباء والأمهات في توفير غذاء صحي لأطفالهم. ولكي لا تهزم في المنافسة، فإن سلسلة مطاعم الأكل السريع ماكدونالدز سوف تعلن - بدورها - عن طعامها الرديء في نهائي كرة القدم أيضا. ولأنهم خبراء في أساليب استهداف الصغار، تستعمل ماكدونالدز أهم الشخصيات الكرتونية المحببة للأطفال (نيمة، وبني ذابو، وطرزان) لترويج طعامها غير الصحي ذي السعرات العالية والقيمة الغذائية المنخفضة. إن صعود ماكدونالدز وغيره من سلاسل المطاعم السريعة وانتشارها يتوازى مع التعاظم السريع في سمنة الأطفال، لأنها غيرت النظام الغذائي للأطفال الذين يلحون على آبائهم طالبين الطعام السريع الرديء ذا الهدايا. ووفقا لمركز العلوم من أجل الشأن العام، فإن سمنة الأطفال، الناتجة عن تسويق الطعام الرديء وأكله، تضاعفت مرتين بالنسبة للأطفال وثلاث مرات بالنسبة للمراهقين خلال العشرين سنة الأخيرة. وبالرغم من ذلك، نحن نمجد الإعلانات التلفزيونية في نهائي كرة القدم، التي صممت لجعل هؤلاء الصغار يضرون بأنفسهم. لقد كان الواجب على وكالة الاتصالات الفيدرالية، ووكالة التجارة الفيدرالية، والآباء والأمهات في جميع أنحاء أمريكا أن يعبروا عن غضبهم على هجوم الإعلانات التجارية المتكرر على صحة أطفالهم كما فعلوا مع نهد جانيت جاكسون العاري. رالف نادر * كاتب ومترجم سعودي مقيم بالمغرب