بعد سنوات من الانتظار، يمكن للبيضاويين أن يأملوا توفرهم على ترامواي على تصميم تهيئة يليق بأكبر مدينة بالمغرب. نعم، أكبر مدينة بالمغرب، ومع ذلك ما انفكت تعيش حروبا صغيرة منذ سنين.. أبطالها منتخبون ابتليت بهم العاصمة الاقتصادية. كل حروبهم مسيسة وهاجس المقعد كان ولازال هو سيد الموقف. لكن ألا يمكنهم أن يجعلوا من صراعهم وقودا للدفع بالمشاريع التنموية، وسيقبل البيضاويون أن تكون حطبا لصراعات انتخابوية. «أرى وكان غير يخدموا المدينة»! تعيش مدينة الرباط مناخا سياسيا موبوءا أكثر من الدارالبيضاء جراء الحروب الطاحنة للعمدة البحراوي مع خصومه؟ ومع ذلك، فالعاصمة تعرف مشاريع ضخمة ستغير معالمها وسيرحل البحراوي ومن معه ومن ضده عنها وربما عن هذا العالم، والعاصمة تزخر بمنجزات ستذكرها الأجيال. ألا يكلف عمدة الدارالبيضاء ساجد نفسه عناء «النْقيل»، وذلك ليس عيبا إذا كان في المصلحة العامة؟ عيب ألا توفر مدينة في حجم الدارالبيضاء على مسرح يليق بهذا الاسم.. ألم يقل الحسن الثاني قبل عشرين سنة إن البيضاء ستتوفر على دار أوبرا؟ عيب أن يتيه أطفال الدارالبيضاء في أوقات فراغهم ولا يجدون حديقة ألعاب واحدة تؤويهم. لم لا تجعلنا مدينة الألعاب بالقاهرة أو بتونس نغار؟.. حتى الغيرة ماتت في نفوس منتخبيها. ووسط كل هاته المتاهات نجد تعاملا مزدوجا للمشاريع «التنموية» بالدارالبيضاء. فإذا كانت أسواق تجارية عملاقة قد وجدت كل التسهيلات (وهو شيء محمود) من أجل تشييد مشاريعها بكورنيش الدارالبيضاء، فأخرى تنتظر أن يفرج عنها. حتى سندباد الدارالبيضاء يبدو حزينا.. أولا على شكله، حيث لا ندري من أوحى لشركة الصيانة بإعادة صبغه حتى أصبح أقرب إلى عنترة بن شداد منه إلى سندباد البحري، ثم على حال حديقة الألعاب المجاورة التي أصبحت مأوى للسكارى والباحثين عن اللذة واللصوص وحتى... رجال الأمن و»المخازنية» الباحثين عن شيء آخر. هناك اليوم في رفوف مكاتب مجلس المدينة ملفات أكثر من مشروع تجعل من كورنيش الدارالبيضاء«دبي» صغيرة، لكنهم لا يريدون الإفراج عنها. أتدرون لماذا؟ لابد أنكم عرفتم الجواب. وفي انتظار أن تتحرك الجهات الوصية والمجلس الجهوي للحسابات وكل هيئات مراقبة المال العام، نتمنى أن يكون مجلس مدينة الدارالبيضاء قد استفاد، على الأقل، من زيارته لإسطنبول العاصمة الاقتصادية لتركيا التي تستقبل سنويا 17 مليون سائحا ولا يمكن أن تجد في أزقتها أثرا للنفايات أو القاذورات، بينما يعتبر نقلها العمومي واحدا من أنجع منظومات النقل بأوربا رغم كثافتها السكانية. أتمنى أن تكون الشركة التي أنشأها مجلس مدينة الدارالبيضاءلتدبير الترامواي حقيقة وليست مجرد حركة تسخينية لما قبل انتخابات 2009، كما أتمنى أن تكون شركة تهيئة الدارالبيضاء قد خلقت لتبدأ الأشغال في مشروع المارينا وإعادة هيكلة الكورنيش وتأهيل الأحياء الشعبية. ربما تكون هاتان المبادرتان دافعا لصندوق الإيداع والتدبير إلى أن ينضم من جديد إلى فريق العمل في كورنيش الدارالبيضاء، فيبدو أن بنك مصطفى الباكوري قد تعب من «شطحات» مجلس مدينة البيضاء. أما البيضاويون فقد تعودوا عليها حتى إنهم فقدوا الأمل في كل شيء!