وقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الجمعة الماضي قبيل آذان المغرب بوقت قصير يخطب في حشد من الجالية المسلمة، التي استضافها على مأدبة إفطار في البيت الأبيض. وقال أوباما بلغة قاطعة إنه يؤيد بناء «بيت قرطبة» الإسلامي في نيويورك. المسلمون الذين حضروا مأدبة الإفطار صفقوا طويلا وبحماسة لكلام أوباما، لكن المخططين الإستراتيجيين للحزب الديمقراطي بدؤوا يعدون العدة لحرب كلامية بدأت مباشرة بعد تلفظ الرئيس الأمريكي بكلمات التأييد لبناء المركز الإسلامي الضخم ذي الطوابق الثلاثة عشر، والذي يقع على بعد خطوات من مركز التجارة العالمي الذي دمر في هجمات الحادي عشر من سبتمبر. هذا المشروع الذي سيكلف إنجازه 100 مليون دولار ويتألف من قاعة ضخمة للمحاضرات ومسجد ومركز ثقافي، بالإضافة إلى مسبح أولمبي وعدد من الملاعب الرياضية، كان قد أثار جدلا صاخبا في نيويورك لمدة أسابيع بسبب معارضة عائلات بعض الضحايا، الذين قتلوا في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، لبناء المركز الإسلامي واعتبارها الموافقة على هذا المشروع بمثابة خيانة لروح الضحايا الذين سقطوا في أسوأ هجمات إرهابية في تاريخ أمريكا. لكن المسؤولين في بلدية مدينة نيويورك وافقوا على بناء مشروع «بيت قرطبة» الذي تقدم به رجل الأعمال الأمريكي من أصل مصري، الشيخ فيصل عبد الرؤوف، مؤسس ورئيس «جمعية بيت قرطبة» التي تقدمت بالمشروع. وأثارت هذه الموافقة قبل أسبوع موجة من الصخب الإعلامي، الذي استغلته جمعيات ضحايا هجمات سبتمبر وراسلت بشأنه كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية والحزبين الجمهوري والديمقراطي للحيلولة دون بناء المسجد، الذي يقول الشيخ عبد الرؤوف إنه سيقوم بتقديم الوجه المشرق للإسلام للأمريكيين ويطلعهم على تعاليمه السمحة التي تحث على السلام وتناهض العنف. ومباشرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما تأييده لفكرة بناء المسجد بالقرب من موقع الهجمات، وتشديده على ضرورة احترام حرية العقيدة والأديان في أمريكا كما يقدسها الدستور، قامت جهات محافظة عدة باستغلال هذا الموقف، الذي وصفته منظمات إسلامية عديدة بالجريء. واتهم المحافظون أوباما بخداع الأمريكيين وإخفاء وجهه «الإسلامي» عنهم وتشجيعه ل«أسلمة» أمريكا. كما أعرب مراقبون عن خشيتهم من أن يدفع أوباما والحزب الديمقراطي معا ثمنا باهظا لهذا الموقف، خصوصا مع قرب موعد انتخابات التجديد في الكونغرس، التي يستعد لها الجمهوريون بلائحة طويلة من الاتهامات للإدارة الحالية، وعلى رأسها محاباة المسلمين والتقاعس عن الدفاع عن أمريكا والعجز عن إنعاش الاقتصاد المتدهور وخلخلة أركان المجتمع الأمريكي عبر السماح بزواج المثليين جنسيا وإباحة الإجهاض والتساهل مع المهاجرين غيرالشرعيين في البلاد..