750 درهما للمتر المربع هو الثمن الذي تم به تفويت حوالي هكتارين من أرض سوق الصالحين بسلا، من طرف الأملاك المخزنية، لصالح شركة مرجان، حسب ما أفادت به مصادر مطلعة ل«المساء» علما أن القيمة الحقيقية للأرض التي تعتبر جزءا من الرصيد الاستراتيجي من العقار بمدينة سلا تناهز 10 آلاف درهم للمتر المربع، وهو ما يعني خسارة الدولة ل17مليار سنتيم كفرق بين الثمن الحقيقي والثمن الذي تم به التفويت. عملية تفويت هذه القطعة الأرضية في صمت وضعت وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق في موقف حرج. علما أن مجلس مدينة سلا كان قد صادق على نزع ملكية هذه القطعة الأرضية لفائدتها، من أجل إنشاء محطة لصيانة قطار الترامواي، قبل أن يتبين بأن شركة مرجان قد اقتنت الأرض. هذا الواقع جعل الوكالة تقرر تغيير المكان المحدد لإحداث مركز صيانة الترامواي الذي دشنه الملك وتتراجع إلى الخلف، رغم أن ذلك ستنتج عنه مشاكل تقنية مرتبطة بالمسلك الذي سيتعين على الترامواي المرور عبره إلى مركز الصيانة. وكانت «المساء» قد حاولت في أكثر من مناسبة معرفة موقف الوكالة في الموضوع غير أن المكلف بالاتصال طلب مهلة للرد تجاوزت 15 يوما، دون أن نتوصل بأي جواب وهو نفس الموقف الذي تبنته مديرية الأملاك المخزنية. رئيس مجلس مقاطعة تابريكت، جامع المعتصم، اعتبر أن الثمن الذي تم به تفويت الأرض يعد «هدرا حقيقيا للأموال العمومية وتشجيعا مفضوحا لاقتصاد الريع ونظام الامتيازات». مضيفا أنه «لا يمكن الترخيص لهذا المشروع لاعتبارات قانونية مرتبطة بطبيعة المنطقة التي تعد منطقة الاحتياط الاستراتيجي من العقار بالمدينة، وقرار الترخيص ليس بيد رئيس المجلس وحده». من جهته، اعتبر طارق السباعي، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، أن مثل هذه التفويتات التي تتم في جنح الظلام تستفيد منها جهات تستقوي بمراكز القرار، وهو الأمر الذي خلق الغول الذي تحدث عنه كارل ماركس والذي ينبغي مواجهته من طرف القوى الحية والمجتمع المدني والمقاولات المواطنة، مضيفا أن مديرية الأملاك المخزنية ملزمة باحترام القانون وتقويم الأرض على أساس ثمنها الحقيقي الذي يتجاوز 10 آلاف درهم. ملف التفويت كان أيضا موضوع سؤال كتابي بمجلس المستشارين وجه إلى وزير المالية، صلاح الدين مزاور، الذي امتنع عن الإجابة، الأمر الذي فسرته مصادر مطلعة بعدم رغبته في تبرير عملية تفويت تمت في عهد الوزير السابق فتح الله ولعلو الذي أكد بدوره في اتصال مع «المساء» أن لا علاقة له بالموضوع وأن هناك مبدأ «استمرارية للدولة». كما وُجِّهَ سؤال كتابي آخر إلى وزير الأوقاف الذي أجاب بأن ملكية الأرض التي تبلغ مساحتها الإجمالية 34 هكتارا موزعة بين الأوقاف والخواص والأملاك المخزنية وهي موضوع «ملف استثماري تقدم به عدة مستثمرين من أجل إحداث مشاريع سكنية وتجارية أو سياحية في إطار الشراكة وأن جميع هذه المشاريع في طور الدراسة ولم يتخذ بشأنها أي قرار نهائي». وكان مشروع مرجان المزمع إحداثه قد حظي مؤخرا بموافقة المركز الجهوي للاستثمار والوكالة الحضرية وولاية الرباط في انتظار الحصول على ترخيص مجلس مدينة سلا الذي عقد رئيسه إدريس السنتيسي، خلال الأسبوع الماضي لقاء مع المدير العام لشركة «مرجان» لم يفصح عن مضمونه، غير أنه أكد أن مرجان لن يقام بالمنطقة التي تتطلب أولا القيام بتصميم تهيئة قطاعي، واعتبر عمدة سلا أن مجلس المدينة قام بنزع ملكية الأرض لصالح وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق التي لها حرية اتخاذ القرارات التي تراها مناسبة من أجل حيازة القطعة الأرضية التي كان من المفترض أن تحتضن مركز صيانة الترامواي.