لن تكون احتجاجات سكان دوار الكعيبات في جماعة «الجبيل»، التابعة لإقليم قلعة السراغنة، الأخيرة من نوعها، كما لم تكن الأولى بالتأكيد أمام عمالة قلعة السراغنة، ما دام أن هؤلاء وكثير من سكان دواوير الإقليم محرومون من الماء الشروب، وبعضهم الآخر لم تصله بعد الشبكة الكهربائية. فالسكان الذين وصلوا بداية الأسبوع الجاري إلى أمام مقر عمالة الإقليم، راجلين، بعد قطع مسافة تزيد عن سبعة كيلومترات، أرادوا، حسب مصادر لها علاقة بالملف، إيصال معاناتهم في البحث عن الماء الشروب إلى أعلى سلطة إقليمية، بعد أن أعياهم الانتظار وتسبب هذا الواقع في الرفع من نسبة الهدر المدرسي وسط أبنائهم. وقد حمل المحتجون الذي تكونوا من الرجال والنساء والأطفال معهم أواني فارغة يستخدمونها لجلب الماء الصالح للشرب، في إشارة إلى طبيعة مشكلتهم وحجمها وتوجهوا صوب المكان المحدد للوقفة، حيث تعالت أصوات النساء والرجال الأطفال المطالبة بضرورة الحياة (الماء) مناشدة الملك محمد السادس بالتدخل العاجل بإنقاذهم، بعدما بحت حناجرهم للمطالبة بتوفير الماء الصالح للشرب الذي يبقيهم أحياء يرزقون. وعمدت قوات الأمن ومجموعات من القوات المساعدة إلى التصدي للمحتجين، إذ حاصروهم في المكان المشار إليه وأبعدوهم عن مقر عمالة قلعة السراغنة، حيث يوجد مقر عمالة الإقليم، بعد أن عين المحتجون أفرادا يشكلون لجنة لمحاورة بعض المسؤولين في العمالة حول ملفهم المطلبي العادل والمتمثل في توفير نعمة الماء. وبعد اللقاء الذي جمع ممثلي السكان ومسؤولين في العمالة، وعد مسؤولان إقليميان اللجنة المحاورة من السكان بتحقيق بعض مطالبهم، إذ أوضحت مصادر عليمة في اتصال مع «المساء» أن المسؤولَيْن وعداهم بإيصال خزانات مائية إلى السكان وتوفير كل الوسائل الضرورية لتحقيق ذلك، كما أكد المسؤولان أن الدوار سيبرمج ضمن الشطر الثاني للتزود بالماء الشروب، كما هو الشان بالنسبة إلى العديد من الدواوير المجاورة. في المقابل، عبر أفراد من اللجنة الممثلة السكان المحتجين عن ارتياحهم للوعود التي قطعها ممثلا العمالة، بيد أنهم توعدوا الجهات المسؤولة بأن احتجاجاتهم في المرة القادمة لن تنظم أمام عمالة الإقليم، وإنما أمام قبة البرلمان وأمام مؤسسات وسط العاصمة الرباط. ويضطر سكان دوار «الكعيبات» القروي إلى قطع كيلومترات كثيرة للوصول إلى أقرب نقطة لجلب الماء، بوسائل لا تتوفر فيها معايير السلامة الصحية، وفي ظروف مزرية، يكون المتضرر الأول منها هم الأطفال الذين يكونون «الأداة» الناقلة للمياه... وذكرت مصادر من الجماعة في اتصال مع «المساء» أن المياه الموجودة في المنطقة ليست ذات جودة عالية للشرب، نظرا إلى نسبة الملوحة المرتفعة فيها، الأمر الذي يرغم السكان على قطع مسافات طويلة للبحث في أماكن بعيدة للتزود بالماء الشروب، في حين يلجأ بعض «الميسورين» والعاملين في المدينة والذين يتوفرون على وسيلة إلى مدينة قلعة السراغنة من أجل الحصول على الماء وتوفيره لأسرهم القاطنة في الدوار.