نقلت سيدتان، أول أمس، إلى قسم الإنعاش بمستشفى الإدريسي في القنيطرة بعد التدخل العنيف الذي قامت به القوات العمومية في حق العشرات من أصحاب البقع الأرضية بسيدي الطيبي، ضواحي مدينة القنيطرة، فيما تم اعتقال آخرين تمهيدا لمحاكمتهم. التدخل أسفر أيضا عن إصابة سيدتين بكسر، إضافة إلى إصابة آخرين برضوض في أنحاء مختفلة من الجسم، كما تم احتجاز بعض المحتجين في مقر الدرك بسيدي الطيبي وحرمانهم من الماء مع تهديدهم بالسجن في حالة القيام بالاحتجاج مرة أخرى. وكان العشرات ممن اقتنوا قطعا أرضية بسيدي الطيبي قد تعودوا على تنظيم وقفات احتجاجية كل يوم خميس، بعد أن صدر قرار من طرف الجماعة يقضي بحيازة هذه البقع بدعوى أن شرائها تم بطريقة غير قانونية، رغم توفر أصحابها على إبراء، مصادق عليه من قبل المصالح الإدارية، يشير إلى أن الأمر يتعلق ببيع بقع أرضية، وهي الطريقة نفسها التي اعتمدت في بيع مئات البقع بالمنطقة، التي تحولت إلى مدينة عشوائية، وجعلت البعض يراكم ثروة مهمة من ورائها. المحتجون وجدوا في انتظارهم، أول أمس، تعزيزات كبيرة من قوات التدخل السريع ورجال الدرك الملكي الذين قاموا بتشتيتهم بطريقة عنيفة، كما تم توقيف عدد من الحافلات وسيارات النقل لحشر المحتجين داخلها وإجلائهم بعيدا عن مكان الاحتجاج، في حين تمت محاصرة آخرين وإجبارهم على المغادرة بطريقة مذلة. وكان قائد منطقة سيدي الطيبي قد لجأ إلى طلب تعزيزات أمنية لوأد الوقفة الاحتجاجية في بدايتها بعد أن ادعى أن المحتجين يرمون قواته بالحجارة، وهو الأمر الذي نفاه هؤلاء قبل أن يشرع في الاعتداء على عدد من النساء، في الوقت الذي كان فيه بعض أعوان السلطة يقومون بتصوير وجوه المحتجين تمهيدا لمحاسبتهم فيما بعد. كما تم اعتقال عدد من النسوة اللائي سقطت إحداهن في حالة غيبوبة داخل مقر الدرك الملكي بعد أن تم الاعتداء عليها، رغم أنها حامل، لتحضر سيارة إسعاف قامت بنقلها من داخل مقر الدرك في اتجاه مستشفى الإدريسي، قبل أن يتم إيداعها قسم الإنعاش بعد إصابتها بنزيف رفض العاملون بقسم الإنعاش تحديد طبيعته وما إذا كان الأمر يتعلق بإجهاض، بدعوى حفظ السر المهني وضرورة خضوعها لفحص خارج المستشفى، قبل أن يقوم أقارب الضحية بنقلها إلى مستشفى الأمير مولاي عبد الله بسلا. الاعتداء الذي نفذه قائد سيدي الطيبي طال أيضا طاقم «المساء» الذي حضر لتغطية الوقفة الاحتجاجية أمام مقر الجماعة القروية بعد أن أنكر وقوع أي تدخل، حيث حضر مع عدد من عناصر القوات المساعدة وأعوان السلطة وقام بدفع الصحفي بطريقة عنيفة وحجز كاميرا مصور «المساء» ونقلها إلى مكان مجهول، مع إطلاق كلام نابٍ في حقه أمام عشرات المواطنين، رغم أن طاقم «المساء» أدلى ببطاقته المهنية وأكد انه ينتظر رئيس الجماعة من أجل معرفة رأيه في الموضوع. قائد سيدي الطيبي لم يكتف بالاعتداء بل طارد طاقم «المساء» وهو يطلق تهديدات، بلغة بذيئة، بأنه سيكسر أرجلهم إذا ما عادوا مرة أخرى أمام عدد من الحاضرين، فيما رفضت القيادة الجهوية للدرك الملكي بالقنيطرة تسجيل شكاية في الموضوع بدعوى أن الأمر يتعلق بقائد ويتطلب إشعار المسؤولين الأعلى رتبة وانتظار أوامرهم. مسؤول بالمجلس القروي لسيدي الطيبي اعتبر أن العقود التي بحوزة أصحاب البقع غير قانونية، وأن جميع البقع التي لم يقم أصحابها بالبناء عليها أصبحت في ملك الجماعة التي ستتولى التصرف فيها، أما البقع التي شيدت فوقها المنازل فهي غير معنية بهذا القرار، الأمر الذي أثار موجة من الاستياء لدى المئات ممن اقتنوا بقعا بأثمنة تتراوح ما بين 2 و5 ملايين سنتيم منذ أزيد من عشر سنوات، ليلجؤوا إلى الاحتجاج بشكل أسبوعي أمام مقر الجماعة من أجل إنصافهم في ظل الفوضى والتلاعبات التي تعرفها المنطقة، والتي أكد عدد من المتضررين ضرورة فتح تحقيق بشأنها لفضح اللوبي الذي يتحكم في سيدي الطيبي.