خاض المئات من المواطنين، القاطنين بمنطقة «أولاد امبارك» بحي بئر الرامي بالقنيطرة، أول أمس، مسيرة شعبية حاشدة للمطالبة بالحق في السكن اللائق والتنديد بالتهميش الذي يطالهم من قبل المسؤولين. واستنجدت السلطات بالقوات العمومية، في محاولة منها لتفريق حشود المتظاهرين والحيلولة دون وصولهم إلى الشارع الرئيسي للمدينة. وكادت الأمور تخرج عن السيطرة، خاصة بعدما تعمد قائد المنطقة «ك.أ»، حسب شهود عيان، ضرب المحتجين، وبينهم الطفل «سعيد.س» الذي وصفت إصابته بالبسيطة. وردد المتظاهرون الغاضبون، الذين رفعوا الأعلام الوطنية وصور الملك محمد السادس، شعارات مناوئة للسلطة ومؤسسة العمران والوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، منددين، في الوقت نفسه، بسياسة الحكرة التي تنهجها الجهات المعنية في حقهم، ودعوا المجلس البلدي إلى تحمل كامل مسؤولياته تجاه العراقيل التي تقف حجر عثرة أمام استكمال مشروع إعادة هيكلة المنطقة الذي قالوا إنه يعرف جمودا تاما منذ سنوات، وهو ما ألحق بهم أضرارا بليغة، حسب تعبيرهم. وشوهدت النساء وهن يرتمين أمام سيارات الأمن، بعد اعتقال شاب يدعى «ياسين»، من أجل إجبار المسؤولين الأمنيين على إطلاق سراحه، مما أسفر عن جرح العديد منهن وإصابة أخريات برضوض خفيفة، في حين اشتكت أمهات متظاهرات، في تصريحات متفرقة ل«المساء»، من السلوك المستفز لبعض أفراد القوات العمومية وكشفن أنهن تعرضن للضرب من طرفهم وللسب والشتم ونعتهن ب«الحمير». وقال متظاهرون إنهم مستعدون لخوض مسيرة شعبية، مشيا على الأقدام، في اتجاه القصر الملكي، لكشف فضائح المسؤولين عن فشل مشروع إعادة هيكلة المنطقة والمتاجرين بمآسي وهموم الطبقات الفقيرة، وهددوا بخوض أشكال نضالية غير مسبوقة في حالة عدم الإسراع بتصحيح كل الاختلالات، وختموا بالقول: «على ملك البلاد أن يعرف أن هناك من المسؤولين من يرضى للمواطنين المغاربة عيشة حقيرة مذلة، ينامون فيها جنبا إلى جنب مع الفئران والجرذان، ويشربون من مجاري المياه، وتحت أسقف تهدد حياتهم في كل لحظة من لحظات العهد الجديد». ودعا المشاركون في المسيرة، في رسالة توصلت «المساء» بنسخة منها، السلطات المحلية إلى تمتيعهم بحق الحصول على الشواهد الإدارية، شهادة السكنى والاحتياج، باعتبارهم مواطنين مغاربة، والكف عن إلزامهم بكتابة «التزام» يتعهدون فيه بعدم الاستفادة من البقع، ملتمسين الإسراع في عملية تجهيز المنطقة بالبنيات التحتية الضرورية، بعد تمكين القاطنين بها من البقع بالمجان، مراعاة لظروفهم المعيشية المأساوية. واستعان الأمن الولائي بمختلف المصالح لاحتواء الوضع، بما فيها فرقة محاربة العصابات وعناصر الاستعلامات العامة وشرطة الدراجات النارية، معززة بوحدات من القوات المساعدة، في الوقت الذي ظل فيه عبد اللطيف بنشريفة، والي الجهة، يتتبع مستجدات التدخل الأمني عبر الهاتف، وسارع إلى إيفاد مسؤول إلى عين المكان، بعدما تأججت الأوضاع أكثر، لفتح حوار مع المحتجين وامتصاص غضب الشارع، وعاب بعضهم على الوالي انشغاله بفيضانات الغرب وإبداؤه نوعا من الحزم لتجاوز آثارها والتقليل من أضرارها، مقابل تهميشه لمناطق بالمدينة ظلت تعيش، طيلة سنوات، حالات أسوأ من ذلك بكثير، ومع ذلك لم يبادر إلى التدخل لإنقاذ المواطنين من ويلاتها. ولم تثن الأمطار، التي تهاطلت بغزارة على المدينة، المتظاهرين عن مواصلة احتجاجاتهم العارمة، التي دامت لأزيد من خمس ساعات، لتنتهي باتفاق حول خلق لجنة تضم العديد من الفاعلين الجمعويين من أبناء المنطقة، لتمثيل الساكنة في مختلف موائد الحوار مع كافة الجهات المسؤولة التي لها ارتباط ببرنامجي إعادة الهيكلة والإيواء لدوار أولاد امبارك، ومعه كافة الدواوير المجاورة المنتمية إلى المدار الحضري لمدينة القنيطرة.