في الوقت الذي كان يجري فيه المبعوث الخاص للأمين العام الأممي إلى الصحراء اتصالات مكثفة بمسؤولين من قادة البوليساريو داخل مخيمات تندوف، توصل العاهل المغربي برسالة خطية من الرئيس الأمريكي جورج وولكر بوش، اعتبر فيها وجود دولة مستقلة بالصحراء ليس خيارا واقعيا، مؤكدا، في شق آخر من الرسالة التي كشفت بعض جوانبها قصاصة مقتضبة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن «مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية جدي وذو مصداقية». وأعرب بوش عن أمل بلاده في أن ترى «أطراف النزاع (المغرب والبوليساريو) وهم ينخرطون بعمق أكثر في مسلسل المفاوضات الجارية، كما طالب بذلك مجلس الأمن بالأممالمتحدة، الذي دعا إلى مفاوضات موسعة في إطار روح من الواقعية والتوافق». الموقف الرسمي المغربي تلقى بابتهاج كبير مضامين هذه الرسالة، واعتبرها خالد الناصري، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، في تصريح ل«المساء»، تتلاقى نصا وروحا مع موقف الإجماع الوطني المغربي، مشيرا، في السياق ذاته، إلى أن ما عبر عنه الرئيس الأمريكي هو عين الصواب بخصوص هذه القضية. وأضاف الناصري أن «كل العقلاء في العالم يعرفون أن خيار قيام دولة سادسة مصطنعة تسبح في السموات العلا من سابع المستحيلات». وحول القيمة السياسية التي سيجنيها المغرب، من خلال هذا الموقف الذي أثار حنق البوليساريو، اعتبر الناصري أن قوة هذا الموقف نابعة من طبيعة الدولة التي صدر عنها، وأنه بلا شك سيشكل دعما حقيقيا للموقف المغربي الذي لا يتزحزح. لقاءات الضفة الأخرى تركزت، حسب مصادر مقربة من البوليساريو، حول عدة قضايا ذات الصلة بمراقبة سير وقف إطلاق النار والتنسيق بين المقاتلين الصحراويين وقوات المينورسو التي تشرف على عملية وقف إطلاق النار. تجدر الإشارة إلى أن مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة من قضية الصحراء المتنازع عليها، عرفت حالات متباينة من المد والجزر ترتبط بالمراحل التاريخية التي عرفتها السياسات الأمريكية في منطقة شمال إفريقيا وتأثرها بحالة الارتهان المغربي للسياسة الأمريكية في المنطقة العربية. في أواخر سنة 1974، صرح هنري كيسنجر بأن الولاياتالمتحدة لن تقبل بقيام دولة في الصحراء تكون حليفاً لأعداء أمريكا، غير أن انتهاء الحرب الباردة وزوال ما صاحبها من استقطاب عميق أدى إلى تبدل ملموس في الموقف الأمريكي من القضية، لتتخذ على إثره الحكومات الأمريكية مواقف متوازنة من خلال دعمها لجهود الأممالمتحدة لحل هذا النزاع.