وحدها الزواحف لا تتعثر. هذه العبارة، هي في الأصل مثل شعبي إيطالي شهير، قيل في الأذكياء واللئام الإيطاليين، الذين يحترفون اللعب على الحبال، لكن يمكن استعارته لبعض الوقت من أجل اتخاذه وصفا لكل الزواحف السياسية المغربية التي استدعيت للحضور إلى بلاتو برنامج «حوار»، الذي يقدمه الزميل مصطفى العلوي والذي حل به ضيفا أول أمس الثلاثاء، الوزير صلاح الدين مزوار، حيث كان يمكن مشاهدة اليازغي الاتحادي وهو يضحك حد الأذنين مع فتيحة العيادي عن حركة لكل الديمقراطيين، دون عقدة المؤتمر الأخير وبدون أدنى حرج لقرار الحزب بقطع أية علاقة مع ركاب «التراكتور»، كما كان يمكن مشاهدة العثماني الإسلامي وهو ينتقل كالنحلة بين فريق الهمة الذي حضر إلى حلقة مزوار بكل ثقله ممثلا في اخشيشن، دون أن يهتم بما يقوله الرميد، كما شوهد العثماني أيضا في حضن اليازغي كما لو أن شيئا لم يكن، كل ذلك لا يساوي شيئا أمام الاكتساح الذي حققه «الدكتور» محمود عرشان، والوصف هو لأحد المسؤولين في حق الكوميسير السابق، هذا الأخير الذي كان نجم الثلاثاء بدون منازع، إلى درجة أن بعضهم استقبله بالسلام العسكري. لقد كانوا يضحكون جميعا بصوت عال وبدون عقدة سياسية، ولا أحد كان يمكنه أن يعرف النكات التي كانوا يضحكون إثرها جميعا، فما الذي كان يمكن أن يضحك إلياس العمري والعثماني واخشيشن؟ وما الذي كان يمكن أن يضحك اليازغي وفتيحة العيادي والعثماني؟ وما الذي كان يمكن أن يضحك اليازغي والعثماني واخشيشن؟ إنها لوحة مزركشة وغير مفهومة، لكن «الأكيد أنهم كانوا يضحكون جميعا على ذقون بعضهم» كما قال أحد الحاضرين اليازغي يضحك على المؤتمرين «البلداء» الذين اعتقدوا أنهم سيربكون وزيرا بدون حقيبة، العثماني يضحك على الرميد الذي لم يتمرن بعد على لعبة الرقص على الحبال ولم يستطع بعد الالتحاق بفريق الزواحف، واخشيشن يضحك عليهم جميعا لأنه يعرف حقيقتهم واحدا واحدا، ولأن فريقه يضم أقوى الزواحف بدون منازع. خمس عشرة دقيقة قبل أن ينطلق البث المباشر سيغضب نواب حزب الأحرار على رجال الأمن المكلفين بتنظيم الدخول إلى قاعة التصوير وسيبدأ مشهد مقزز لنواب مغاربة يستعملون مختلف الشتائم، مستغلين في ذلك حصانتهم البرلمانية البئيسة في وجه كل حراس الباب: «نحن نواب الأمة وأنت ستتابع على ما قمت به الآن»، «دين مك ماعرفتيش معا من كادوي»، «راك معروف»... وأشياء أخرى مخجلة وصلت إلى حد تبادل اللكمات بين أحد حراس الباب وبين نائب عن حزب الأحرار، هذا الأخير الذي قرر استعمال سلطاته الهاتفية وبدأ في عرض مسرحية على الملأ عنوانها «أريد الحديث إلى مسؤول الأمن بالمدينة». وفي غفلة من مصطفى العلوي الذي كان يستعد لبدء الحلقة، سيقتحم النواب القاعة بكل ما أوتوا من قوة وهم يتوعدون رجال الأمن بالانتقام منهم. لقد كان المنظر مشوقا.. فبعد أن أمضوا كل الوقت في أكل ما لذ وطاب من على «البوفيه» الضخم الذي خصص للمدعوين على جانب المسبح الجميل، سيقرر أصحاب الحصانة من حزب مزوار القيام بأول «ثورة» في تاريخهم النضالي ضد الأمن وضد المخزن، وهي «الثورة» التي نجحت في النهاية وتمكنوا خلالها من الاستيلاء على كل كراسي برنامج حوار، مستعملين في ذلك نظرية العنف الثوري الشهيرة.. إنهم النواب المناضلون. أما ضيف الحلقة فقد أبان عن مواهب استثنائية في مجاملة من سبقوه في وزارة المالية وعن قدرة كبيرة على اللعب فوق الأرقام. أما دفاعه الكبير فلم يكن عن حكومة الفاسي الموجود في البينين ولا عن حزب الزرق الذي كان زعيمهم يجلس أمامهم كتلميذ نجيب، بل إن دفاعه كان عن حركة كل «التراكتوريين» الذين ظلمهم الإعلام واضطهدتهم الأحزاب المحافظة وأساء الناس فهم نواياهم الطيبة وأهدافهم الرسولية.